الفصل الأول
في أقسام العموم
لا يخفى أن أخذ الطبيعة في الحكم بنحو تتساوى فيه جميع أفرادها ..
تارة : يكون بنحو الانحلال ، بأن يرجع إلى ثبوت الحكم لكل فرد من أفرادها على حياله واستقلاله مع قطع النظر عن غيره ، بحيث يكون كل منها متعلقا لحكم يخصه ، له إطاعته ومعصيته ، مع قطع النظر عن غيره ، فتتعدد الأحكام بعدد الأفراد.
وأخرى : لا يكون كذلك ، بل تكون الطبيعة بتمام أفرادها متعلقة لحكم واحد.
وهو .. تارة : يقتضي الجمع بين الأفراد بتمامها فعلا أو تركا أو غيرهما من أنحاء اقتضاء الحكم.
وأخرى : يقتضي الاكتفاء بفرد منها بنحو البدلية.
والأول هو العموم الاستغراقي ، والثاني المجموعي ، والثالث البدلي.
ويجري نظير الأقسام المذكورة بالإضافة إلى الأزمنة والأحوال.
ثم إنه إن علم أحد الأقسام بعينه فلا كلام ، وإلا فالظاهر عدم الاشتباه أو ندرته بين العموم البدلي وقسيميه ، بل الوضع والقرائن العامة والخاصة وافية بتمييز موارده عن مواردهما ، ولو فرض الاشتباه فلا طريق لتعيين أحدها ، وإنما الكلام في الاشتباه والتردد بين العموم الاستغراقي والمجموعي.
وقد ذكر بعض الأعاظم قدسسره أن الأصل في العموم أن يكون استغراقيا ، لاحتياج العموم المجموعي إلى مئونة زائدة ، وهي مئونة اعتبار الأمور الكثيرة أمرا واحدا ، ليحكم عليها بحكم واحد ، وهو خلاف الأصل.
ويشكل بعدم وضوح توقف العموم المجموعي على ملاحظة الأمور