فإن كان ما ذكرنا هو المراد من الوجه الرابع فهو المتعين. وإن كان المراد به عدم أخذ شيء في موضوع حكم العام زائدا على عنوانه أصلا ، أشكل بمنافاة ذلك لقصوره عن مورد الخاص ، لاستحالة انفكاك الحكم عن موضوعه.
نعم يتجه الوجه الثالث فيما إذا أحرز عموم مقتضي حكم العام لمورد الخاص ، وكان عنوان الخاص من سنخ العنوان الثانوي المانع من تأثير مقتضي الحكم الأولي ، كالحرج والضرر ، حيث يتعين حينئذ كون عدم عنوان الخاص مأخوذا في موضوع حكم العام ومتمما له ، كما يكون عدم المانع متمما للعلة في التكوينيات. أما في غير ذلك من موارد التخصيص فلا مجال لذلك ، ويتعين ما سبق.
هذا ، ولا ينبغي التأمل في أنه على الوجه الثالث يكفي في التعبد بحكم العام في الفرد المشكوك إحراز عدم عنوان الخاص فيه. وأما على الوجه الرابع ـ الذي قد يرجع إلى ما ذكرنا ـ فقد صرح بعض الأعيان المحققين وسيدنا الأعظم قدسسره ـ بعد اختيارهما له ـ بعدم جدوى الأصل الموضوعي وجوديا كان أو عدميا في ذلك ، وأن الأصل العدمي وإن كان ينفع في نفي حكم الخاص ، إلا أنه لا يقتضي اثبات حكم العام. وكأنه لأن العدم المذكور بعد أن لم يحرز أخذه في موضوع حكم العام فترتب التعبد بالحكم المذكور على الأصل المحرز له يبتني على الأصل المثبت.
لكن يصعب البناء على ذلك بالنظر للمرتكزات الاستدلالية ، بل لا يظن منهما ولا من غيرهما العمل على ذلك في الفقه. بل قد جرى سيدنا الأعظم قدسسره في مستمسكه في جملة من الفروع على التعبد بحكم العام بالأصل العدمي المذكور. وإن كان قد يظهر من بعض كلماته عدوله عن مبناه المتقدم والتزامه بالوجه الثالث.