بقي شيء
وهو أنه قد يشكل ما سبق في وجه تقديم المقيد على المطلق بعدم بنائهم على ذلك في المستحبات ، بل يغلب بناؤهم فيها على حمل المقيد على أفضل الأفراد مع مشروعية فاقد القيد واستحبابه تحكيما للإطلاق.
لكن لا يخفي أنه لا مجال للإشكال المذكور فيما إذا كان إطلاق الاستحباب شموليا ، كإطلاق استحباب قراءة القرآن والدعاء وزيارة المعصومين عليهمالسلام مع ما تضمن الحث عليها مقارنة لبعض الآداب كالطهارة والاستقبال وغيرهما ، وإطلاق استحباب الصدقة ووجوه البر مع ما تضمن الحث على الإتيان بها سرا ... إلى غير ذلك مما هو كثير ، لما سبق من عدم التنافي بين الدليلين إذا كان المطلق شموليا.
وأما إذا كان بدليا فالمقيد وإن كان ظاهرا في التعيين وعدم امتثال أمره بفاقد القيد ، إلا أن أمره كما يمكن أن يكون هو عين الأمر بالمطلق ، ليلزم التنافي بين الدليلين ـ لامتناع اختلاف متعلق الأمر الواحد بالإطلاق والتقييد ـ فيلزم الجمع بتنزيل المطلق على المقيد ، يمكن أن يكون أمرا آخر متعلقا بالخصوصية زائدا على الماهية المطلوبة بأمر المطلق ، فلا ينافي المطلق ليلزم حمله عليه ، ومرجع ذلك إلى حمل المقيد على أفضل الأفراد. ولا مجال للبناء على الأول ـ بعد منافاته لمقتضى الإطلاق ـ إلا بقرينة خاصة.
وأما ما سبق في الشرط الأول للتنافي بين الدليلين من استبعاد تعدد الحكم مع إطلاقه في الدليلين أو تعليقه على شرط واحد فهو مختص بالحكم الإلزامي الذي لا يحسن التسامح في بيانه ، أما الحكم غير الإلزامي فلا يبعد فيه ذلك حيث قد يهتم الحاكم ببيان مطلوبية أصل الماهية لإحداث الداعي لها ، ويهمل بيان مطلوبية الخصوصية الزائدة عليها ، لعدم كونها إلزامية وعدم مناسبة