الباب الثاني
في الملازمات العقلية
أشرنا في المقدمة إلى أن الأصول النظرية هي التي يكون مضمونها أمرا واقعيا مدركا لا يتضمن العمل بنفسه ، بل لخصوصية في متعلقه ، ككونه حكما شرعيا ، وأنها تنحصر في مباحث الألفاظ المتكفلة بتشخيص الظهورات الكلامية ، ومباحث الملازمات العقلية المبنية على إدراك العقلاء الملازمة بين أمرين ، ليكون العلم بأحدهما مقدمة للعلم بالآخر.
ويفترقان في أن الظهورات اللفظية حيث لا تستلزم العلم بمضمونها يتوقف العمل بها على ثبوت كبرى حجية الظهور التي هي مسألة أصولية. أما الملازمات العقلية فحيث كانت قطعية كان ترتب العمل عليها مبنيا على كبرى حجية العلم وليست هي مسألة أصولية ، كما يأتي في محله.
ولا وجه مع ذلك لما جرى عليه بعض المعاصرين رحمهالله من جعلها صغريات لكبرى مسألة أصولية ، وهي مسألة حجية الدليل العقلي. ومن هنا فالمسألة الأصولية ليست إلا مسألة الملازمة ، حيث تقع نتيجتها ـ لو تمت ـ كبرى تنتج بضميمة ثبوت اللازم الحكم الشرعي.
إذا عرفت ذلك فالكلام في هذا الباب يقع في ضمن فصول ..