الفصل الأول
في ملازمة حكم الشرع لحكم العقل
وقع الخلاف بين المسلمين من عصور الإسلام الأولى في ثبوت حكم العقل ، ثم في حقيقته ، ثم في ملازمة حكم الشرع له.
وحيث كانت الملازمة المذكورة متفرعة على ثبوت حكم العقل كان المناسب البحث عن ذلك ـ وإن كان خارجا عن البحث في الملازمة ـ لأن الملازمة لا تتضح إلا بعد اتضاح أطرافها.
وحيث لا يكون البحث في حكم العقل في متناول الناظر في علم الأصول فينبغي التعرض له هنا. وهو وإن كان من سنخ المقدمة للكلام في الملازمة ، إلا أن أهميته تناسب عقد بحث مستقل له.
ومن هنا يكون الكلام في هذا الفصل في مبحثين :
المبحث الأول
في ثبوت حكم العقل في الوقائع العملية وعدمه
من الظاهر أنه لا بد في صدور الفعل الاختياري من أن يدرك فاعله داعيا ينبعث نحوه ، ويفعل الفعل من أجله.
ولا إشكال في وجود الدواعي الفطرية ـ كطلب النفع ودفع الضرر ـ والعاطفية ـ كالحب والبغض والشهوة والغضب ـ والتأديبية ـ الشرعية والاجتماعية والقانونية ـ والعادية العرفية والشخصية.