إذا عرفت هذا ، فلا ينبغي التأمل في أن موافقة الأمر بالنحو الذي يدعو إليه تقتضي الإجزاء ، بمعنى امتثاله وسقوط داعويته عقلا ، وذلك عبارة أخرى عن عدم لزوم الإعادة ، فضلا عن القضاء ، الذي هو عبارة عن تدارك فوت المأمور به في الوقت بالإتيان به خارج الوقت محافظة على أصل الواجب دون خصوصية الوقت. من دون فرق في ذلك بين القول بأن القضاء بالأمر الأول والقول بأنه بأمر جديد ، إذ لا بد فيه ـ على كلا القولين ـ من الفوت ، ولا فوت في محل الكلام. ومنه يظهر أن التعبير بسقوط الإعادة والقضاء لا يخلو عن تسامح ، إذ السقوط فرع المقتضى للثبوت.
ووضوح ذلك يغني عن إطالة الكلام فيه ، وإن حكي عن بعض العامة الخلاف فيه. قال في الفصول : «ذهب الأكثرون إلى أن موافقة الأمر يستلزم الإجزاء. وذهب أبو هاشم وعبد الجبار إلى أنه لا يستلزمه. قال عبد الجبار فيما نقل عنه : لا يمتنع عندنا أن يأمر الحكيم ويقول : إذا فعلته أثبت عليه وأديت الواجب. ويلزم القضاء مع ذلك ...». وهو من الشذوذ ومخالفة الضرورة بمكان الظاهر.
نعم يمكن وجوب الإتيان بالفعل ثانيا في الوقت أو في خارجه من دون أن يكون إعادة أو قضاء ، بل على أن يكون مأمورا به بأمر آخر من دون أن يكون قضاء للأمر الأول. وهو خارج عن محل الكلام.
هذا ، وقد ذكر غير واحد أنه يمكن تبديل الامتثال بامتثال آخر. وذكر بعض الأعاظم قدسسره أن ذلك ممكن ثبوتا ومحتاج للدليل إثباتا. وجعل منه ما ورد في إعادة الصلاة فرادى أو جماعة بالصلاة جماعة. وخصه المحقق الخراساني قدسسره بما إذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض ، وإن كان يفي به بعد ذلك لو اكتفي به. قال : «كما إذا أتى بماء أمر به مولاه ليشربه فلم يشربه بعد ، فإن الأمر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد ، ولذا لو أهرق واطلع عليه العبد