وحينئذ إن دل الدليل على مشروعية المأمور به الاضطراري بمطلق التعذر وإن لم يستوعب الوقت ، فإن كان المراد به أو المتيقن منه مجرد المشروعية ـ في مقابل لغويته وعدم ترتب شيء من الملاك عليه ـ لم يناف ما ذكرنا ، ويتعين حينئذ عدم إجزائه عن الإعادة في الوقت بعد ارتفاع التعذر ، عملا بإطلاق دليل المطلوب الاختياري ، المقتضي لفعلية الأمر به بالقدرة عليه في بعض الوقت ، من دون أن ينافيه دليل الأمر الاضطراري بعد كون المراد به المشروعية بالمعنى المذكور.
وإن كان ظاهرا في الاجتزاء به في أداء التكليف المتوجه في الوقت كان مسوقا لبيان إجزائه عن الإعادة الذي هو محل الكلام في المقام ، وكشف عن وفائه في حال التعذر بتمام ما يجب تحصيله من الملاك الذي يفي به الاختياري في حال القدرة ، على خلاف ما سبق منا أنه المستفاد عرفا من إطلاق دليل تشريع البدل الاضطراري ، ولزم جواز تعجيز النفس لتحقيق موضوعه.
ثم إن المفهوم عرفا من تشريع البدل الاضطراري هو المعنى الثاني ، لأنه المهم لعامة المكلفين ، فتنصرف إليه الأسئلة والأجوبة والبيانات الشرعية والمتشرعية ، وإرادة المعنى الأول تحتاج إلى عناية لا مجال لحمل الكلام عليها إلا بقرينة.
هذا كله في الإعادة ، وأما القضاء فلا ينبغي التأمل في سقوطه لو استفيد من الأدلة سقوط الإعادة مع ارتفاع العذر في أثناء الوقت ، لأنه أولى منها بذلك وأما في غير ذلك ، فعدم إجزاء المطلوب الاضطراري عن القضاء وإن كان ممكنا ، بأن يكون المطلوب الاضطراري غير واف ببعض الملاك اللازم التحصيل مع إمكان تحصيله بالقضاء. إلا أنه لا يبعد ظهور أدلة تشريعه نوعا في إجزائه عن القضاء ، والخروج به عن الخطاب بالماهية من أصله ، لا عن خصوصية الوقت مع بقاء أصل المطلوب ، ليتجه لزوم الفراغ عنه بالقضاء.