المقام الثاني
في إجزاء الأمر الظاهري
ومحل الكلام في المقام هو مقتضى الحكم الظاهري ـ بمقتضى دليله أو دليل خارج ـ بعد الفراغ عن ظهور دليل الحكم الواقعي في نفسه في تبعية الأمر للواقع. أما لو فرض ظهوره في أن موضوعه الأعم من الواقع والظاهر أو خصوص الظاهر فلا إشكال في الإجزاء ، ويدخل في إجزاء موافقة الأمر الواقعي الذي تقدم الكلام فيه في أول الفصل. ومن هنا يكون مقتضى الأصل الأولي في محل الكلام عدم الإجزاء ، عملا بمقتضى دليل الحكم الواقعي ، ويحتاج الإجزاء إلى الدليل.
إذا عرفت هذا ، فقد ذكر المحقق الخراساني قدسسره أن الحكم الظاهري إن ابتنى على تعبد الشارع بالموضوع من جزء العمل أو شرطه وجعله ظاهرا ـ كما هو مفاد قاعدتي الحل والطهارة ، بل الاستصحاب ، بناء على أنه يتضمن تنزيل المشكوك منزلة المتيقن ، لا تنزيل اليقين منزلة الشك ـ اقتضى الإجزاء ، لحكومة دليله على دليل الأمر الواقعي ، حيث يكون موسعا للموضوع ، ومبينا أنه أعم من الظاهري والواقعي ، فيصح العمل ويجزئ ، لواجديته لجزئه أو شرطه ، وانكشاف الخلاف فيه بعد العمل لا يوجب انكشاف فقدان العمل لجزئه أو شرطه ، بل ارتفاع أحدهما من حين ارتفاع الجهل ، بخلاف ما يبتني منه على التعبد بوجود الشرط واقعا ، كما في موارد الأمارات ، فإنه حيث لا يبتني على جعل الموضوع في قبال الواقع ، بل على إحراز ثبوت الموضوع في الواقع ـ كما هو مفاد أدلة التعبد بالأمارات ـ فبانكشاف الخطأ ينكشف عدم