ومن هنا كان التحقيق أن مفاد التعبد الظاهري ليس هو جعل حكم نظير الحكم الواقعي ، ليقع الكلام في أنه من سنخه ومن أفراده أو مباين له ، بل ليس في المقام إلا أمر واحد حقيقي ـ كالشهر والبنوة وبلوغ سن اليأس وغيرها من الموضوعات الخارجية ـ أو اعتباري جعلي ـ كالزوجية والملكية والطهارة وغيرها من الأحكام الشرعية ـ يكون بنفسه موضوعا للأثر العملي الشرعي أو العقلي. وتحققه في مقام الثبوت تابع لأسبابه التكوينية إذا كان خارجيا حقيقيا ، ولجعله من قبل من بيده الاعتبار إذا كان جعليا اعتباريا ، وهو الذي تتضمنه أدلة الأحكام الواقعية. كما أن البناء عليه في مقام الإثبات والعمل تابع للقطع به ، ومع عدمه فللتعبد الظاهري. فالتعبد الظاهري لا يتضمن جعل شيء في عرض الواقع ، بل لزوم البناء عليه في مقام العمل إثباتا وفي طول الواقع.
غايته أن البناء عليه في مقام العمل بمقتضى التعبد الشرعي ..
تارة : يتفرع على قيام الحجة عليه ، لصلوحها شرعا لإثباته ، كما هو مقتضى أدلة حجية الحجج.
وأخرى : لا يتفرع عليها ، بل يكون التعبد به ابتدائيا لمحض الجهل به أو مع سبق اليقين به أو لغير ذلك ، مما تتضمنه أدلة الأصول. على ما يأتي تفصيل الكلام فيه في مبحث إمكان التعبد بغير العلم من التمهيد لمباحث الحجج إن شاء الله تعالى.
ومنه يظهر أن ترتيب أثر الواقع في مورد التعبد مقتضى نفس دليل التعبد ، وإن كان موضوع الأثر ثبوتا هو الواقع بنفسه ، لا ما يعمه والظاهر ، لأن مقتضى دليل التعبد هو التعبد بالواقع ذي الأثر. وأن عدم الإجزاء بانكشاف الخلاف إنما هو لانكشاف عدم تحقق الموضوع وفقدان العمل لما يعتبر فيه ، بعد ارتفاع موضوع التعبد بسبب اختصاصه بحال الجهل المفروض ارتفاعه ،