ليس موردا للأثر العملي ، وأن جميع ما يترتب على تقدير الملازمة يترتب على تقدير عدمها ، وأن المهم في مقام العمل هي الأمور التي بحثت في كلامهم تبعا ، ولا يتفرع البحث فيها على ثبوت الملازمة ، على ما سيتضح إن شاء الله تعالى.
ومن هنا لا يحسن تخصيص موضوع البحث بالملازمة وجعل البحث في الأمور المذكورة تابعا له ، كما جروا عليه ، بل ينبغي بحث كل من الأمور المذكورة في ضمن بحث يخصه يستقل عن بحث الملازمة.
وإنما نبحث في الملازمة مع ما ذكرنا من عدم الأثر العملي لها ..
أولا : لمتابعتهم فيما جروا عليه من الاهتمام بها
وثانيا : ليظهر في مطاوي البحث فيها ما ذكرناه من عدم الأثر العملي لها.
وينبغي التنبيه لتلك المباحث بأمرين دخيلين في تنقيح محل الكلام وتحديد موضوع الأبحاث المعقودة في هذا الفصل.
الأمر الأول : لا إشكال ظاهرا في أن فعلية الداعي العقلي أو غيره من الدواعي لفعل الشيء يستلزم حدوث الداعي المسانخ له لفعل مقدمته ، على أن يكون الداعي الثاني في طول الداعي الأول تابعا له فانيا فيه مرتبطا به غير مستقل عنه ، لوحدة الغرض الموجب لهما ، فلا يكون الثاني صالحا للمحركية ما لم يصلح الأول لها ، بل محركية الأول إنما تكون بالجري على طبق الثاني.
كما أن الجري على الثاني شروع في الجري على الأول ، ولا يكون متعلقه موضوعا للداعوية إلا من حيثية ذلك. ومن ثم كانت الداعوية نحو المقدمة غيرية. ووضوح ما ذكرنا يمنع عادة من إنكاره ، ويغني عن إطالة الكلام فيه.
وإنما الكلام فيما يلحق ذلك .. تارة : في تحديد المقدمة التي هي موضوع الداعوية ، وأنه مطلق المقدمة أو خصوص قسم منها.