السابقة لتوجيه الشرط المتقدم أو المتأخر للمأمور به ، كما يظهر بالتأمل.
وبهذا ينتهي الكلام في التمهيد لمباحث المقدمة ويقع الكلام في المباحث المقصودة بالأصل ، وهي ـ كما يظهر مما تقدم في الأمر الأول ـ ثلاثة.
المبحث الأول
في الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته
وقد اختلفوا في ثبوت الملازمة وعدمه على أقوال بين النفي مطلقا ، والإثبات كذلك ، والتفصيل.
وقد استدل للقول بالإثبات مطلقا بوجوه كثيرة. وأقدم الوجوه ـ فيما يظهر ـ ما نسب لأبي الحسين البصري من أنها لو لم تجب لجاز تركها ، فإن بقي الواجب على وجوبه لزم التكليف بالمحال ، وإلا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا.
ووضوح وهن هذا الوجه يغني عن إطالة الكلام في مناقشته ، بداهة أن أحد الأمرين ـ من التكليف بالمحال ، وخروج الواجب عن كونه واجبا ـ إنما يلزم من وجوب ترك المقدمة ، بحيث يمتنع وجودها ، لا من مجرد جواز تركها شرعا مع إمكان فعلها ، بل وجوبه عقلا ، كما يأتي. ومن هنا يلزم النظر في غيره من الوجوه المستدل بها في المقام.
ولعل عمدتها ما ذكره جماعة من المتأخرين. وحاصله : أن الوجدان السليم يقضي بتبعية إرادة المقدمة لإرادة ذيها وطلبها لطلبه. وليس المدعى في المقام هو الطلب الفعلي للمقدمة على نحو طلب ذيها ـ لوضوح أن الطالب قد يغفل عن المقدمات ، بل قد يعتقد عدم توقف الواجب على بعضها ـ بل هو طلبها تبعا إجمالا ، بمقتضى الارتكازيات الكامنة في النفس ، على نحو لو توجه إليها تفصيلا لطلبها كذلك ، وذلك نحو من أنحاء الطلب الذي تترتب عليه