بقي شيء
وهو أن ثمرة النزاع تظهر فيما لو كانت المقدمة محرمة ذاتا ، وزوحمت حرمتها بوجوب ذيها ، وكان وجوبه أهم ، نظير ما ذكرناه في ثمرة التفصيل الأول. والظاهر أن الالتفات للثمرة المذكورة يزيد في وضوح اختصاص المقدمة الواجبة بالموصلة.
المبحث الثالث
في تحديد الداعوية للمقدمة
حيث ذكرنا في أول الفصل أن فعلية الداعي العقلي أو غيره نحو الشيء تستتبع فعلية الداعي المسانخ له نحو مقدمته فلا ينبغي التأمل في أن مقتضى ذلك تبعية الداعي التبعي نحو المقدمة للداعي الأصلي نحو ذيها سعة وضيقا ، لأنه مقتضى تبعيته له في أصل وجوده. وإليه يرجع ما ذكروه من تبعية الوجوب الغيري ـ على القول به ـ للوجوب النفسي في الإطلاق والاشتراط ، لما أشرنا إليه من أن موضوع الوجوب الغيري هو موضوع الداعوية الغيرية.
لكن يظهر من صاحب المعالم ما ينافي التبعية المذكورة ، حيث ذكر أنه يمكن تصحيح العبادة إذا كانت ضدا لواجب ، حتى بناء على وجوب مقدمة الواجب ، وعلى أن من مقدمات الواجب ترك ضده الخاص ، وأنه لا مجال لتوهم حرمة العبادة حينئذ ـ لوجوب تركها ـ المستلزمة لبطلانها. قال في تقريب ذلك : «وأيضا فحجة القول بوجوب المقدمة ـ على تقدير تسليمها ـ إنما تنهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها ، كما لا يخفى على من أعطاها حق النظر. وحينئذ فاللازم عدم وجوب ترك الضد الخاص في حال عدم إرادة الفعل المتوقف عليه من حيث كونه