الكلام فيها.
والعمدة في توجيه لزوم المقدمات المفوتة : هو حكم العقل فإنه كما يحكم بوجوب امتثال التكليف في وقته يحكم بكونه منشأ للمسئولية قبل وقته بنحو يقبح من المكلف تعجيز نفسه عن امتثاله ، لقبح تفويت غرض المولى الفعلي في وقته. والعجز إنما يكون عذرا عقلا إذا لم يستند للمكلف. فللتكليف والغرض قبل الوقت نحو من الداعوية العقلية يقتضي حفظ القدرة عليه ، كما يكونان في الوقت موضوعين للداعوية العقلية للامتثال. ويكفي في استيضاح ما ذكرنا الرجوع للمرتكزات العقلية والعقلائية في التكاليف الشرعية والعرفية. وعليه تبتني منجزية العلم الإجمالي في التدريجيات ، فإن طرف العلم الإجمالي المتأخر لو لم يكن مستتبعا لنحو من الداعوية تقتضي حفظه في وقته لم يصلح العلم الإجمالي للتنجيز ، بل يكون كما لو خرج بعض أطراف العلم الإجمالي عن الابتلاء ، على ما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.
ثم إنه لا مجال للاستشهاد بذلك على فعلية التكليف قبل الوقت على مسلك صاحب الفصول قدسسره في الواجب المعلق ومسلك وشيخنا الأعظم قدسسره في الواجب المشروط. لعدم الملزم بانحصار الداعوية العقلية لحفظ المكلف به وموضوع الغرض بحال فعلية التكليف. كيف؟! والجهة المذكورة تعم صورة العلم بعدم توجه صاحب التكليف والغرض لحدوثهما في الوقت اللاحق ، فلو علم الشخص من حال صديقه مثلا أنه سوف يتعلق غرضه أو طلبه بفعل شىء ما لم يحسن منه بمقتضى حق الصداقة بينهما تعجيز نفسه عن ذلك الشيء ، وإن كان الصديق حال التعجيز غافلا عن تعلق غرضه أو طلبه في المستقبل بذلك الشيء ، بل معتقدا عدمهما ، جهلا بحدوث الحاجة له أو بتبدل نظره ، حيث لا مجال مع ذلك لتوهم سبق وجود تكليف معلق أو مشروط منه ، كي يتوهم أن له نحوا من الفعلية وأن حكم العقل بعدم جواز التعجيز مبتن عليها.