المذكورة مهمة في مقام العمل ، ليحسن كونها غرضا من تحرير المسألة ، نظير ما تقدم في مسألة مقدمة الواجب.
فالظاهر أن الثمرة العملية للمسألة ما صرح به بعضهم من أنه بناء على اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده يمتنع التعبد بالضد والتقرب به ، فيبطل لو كان عبادة ، بناء على ما يأتي في الفصل السادس إن شاء الله تعالى من اقتضاء النهي عن العبادة فسادها. لكن هذه الثمرة لا تتوقف على حرمة الضد شرعا ، بل يكفي فيها كونه تمردا على المولى وإن لم يكن محرما شرعا. ومن هنا لا يكون بحثهم في المسألة عن حرمة الضد مناسبا للثمرة المهمة التي حررت من أجلها.
وربما أوجب ذلك اضطراب كلماتهم في المقام ، فنظر القدماء في إثبات اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضده في بعض الموارد إلى كون فعل الضد تمردا على المولى ومخالفة لأمره ، واختلط ذلك بالنهي عن الضد ، ورتبوا الثمرة المذكورة ، ونظر المتأخرون في نفي الاقتضاء إلى التدقيق في حقيقة الأمر والنهي ، مع إغفال حال الثمرة التي ذكرناها ، وعدم التنبيه إلى أن نفي الاقتضاء لا ينافي ترتبها.
والمناسب لنا الجمع بين الأمرين بالبحث عن اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده وعدمه ، مجاراة لهم في تحرير محل النزاع ، ثم البحث عن ترتب الثمرة المذكورة ، لكونه الغرض المهم منه.
هذا ، ولا بد في ترتب الثمرة المذكورة من أمرين :
أحدهما : تمامية ملاك الأمر في العبادة ودخولها في موضوعه ذاتا في ظرف الأمر بالضد ، ليمكن صحتها في نفسها لو لا التمرد على المولى اللازم منها. أما لو كان الأمر بالضد مقارنا لفقدها للملاك وخروجها عن موضوع الأمر ذاتا فبطلانها لعدم المقتضي ، لا من جهة الأمر. ويأتي الكلام في ضابط ذلك