فإذا وجب الأكل في نهار شهر رمضان لخوف ظالم أو نحوه ، فعصى المكلف بتركه ، امتنع منه التقرب بالصوم الذي هو عبارة عن ترك المفطرات ، ومنه الترك المذكور.
ونظير ذلك ما إذا أمر بترك الشيء ، فإن فعله يكون تمردا ومعصية وإن لم يكن منهيا عنه ، لعدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن نقيضه ، فإذا وجب ترك الارتماس لأنه من المفطرات امتنع التقرب بفعله ، ويبطل الغسل لو قصد به.
بل لا يبعد جريان ذلك في العدم والملكة ، وفي الضدين الوجوديين اللذين لا ثالث لهما في الموضوع الواحد ، كالحركة والسكون ، والاجتماع والافتراق ، فإن الأمر بأحدهما وإن لم يقتض النهي عن الآخر ، إلا أن فعل الآخر يكون عرفا مخالفة للأمر المذكور وتمردا على الآمر إذا كان الأمر الزاميا. وعلى ذلك تترتب في جميع ما ذكرنا الثمرة المتقدمة وإن لم يكن الاقتضاء تاما فيها.
الأمر الثاني : ربما يدعى اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص ، بلحاظ توقف الشيء على عدم ضده ، ومقدمية عدم الضد له ، وإذا كان من مقدماته وجب غيريا تبعا لوجوبه ، وإذا وجب عدم الضد حرم فعله. ومرجع ذلك إلى مقدمات ثلاث :
الأولى : مقدمية ترك الضد لفعل ضده.
الثانية : ملازمة وجوب المقدمة لوجوب ذيها.
الثالثة : اقتضاء وجوب ترك الشيء لحرمة فعله. ويظهر بطلان المقدمة الثالثة مما تقدم في الأمر الأول ، وبطلان الثانية مما تقدم في الفصل السابق. ويأتي الكلام في الأولى.
لكن المقدمتين الأخيرتين إنما يحتاج إليهما لإثبات النهي الشرعي عن الضد. أما بلحاظ الثمرة المتقدمة ـ وهي امتناع التقرب بالضد ، وبطلانه لو كان