عبادة ـ فلا حاجة للمقدمة الثالثة ، لما سبق في الأمر الأول من أنه مع الأمر بالترك يكون الفعل تمردا على المولى فيمتنع التقرب به وإن لم يكن محرما شرعا. كما لا حاجة للمقدمة الثانية ، لأن مقدمة الواجب وإن لم تجب شرعا إلا أن وجوب ذيها نفسيا لما كان يدعو إليها في طول داعويته إليه كان تركها مخالفة لمقتضى وجوب ذيها وتمردا على المولى ، فيمتنع التقرب به مع ذلك ، كما يظهر بأدنى تأمل في المرتكزات العقلائية التي عليها المعول في أمثال المقام.
ومن هنا كانت المقدمة الأولى كافية في ترتب الثمرة المذكورة. ولذا اهتم جماعة بالكلام فيها حتى صار من أهم مباحث المسألة. فينبغي لنا متابعتهم في ذلك ، فنقول :
مجرد التضاد بين الشيئين بحيث يمتنع اجتماعهما في الوجود لا يقتضي توقف وجود أحدهما على عدم الآخر ، بحيث يكون عدم الآخر مقدمة له. خلافا لما يظهر من بعض المحققين قدسسره من كفاية ذلك في التوقف والمقدمية ، بدعوى : أن عدم الضد متمم لقابلية الموضوع للاتصاف بالضد الآخر ، وقابلية الموضوع من أجزاء العلة. إذ يدفعها : أن مجرد امتناع اجتماع الأمرين في الموضوع الواحد لا يستلزم توقف قابلية الموضوع لأحدهما على خلوه عن الآخر في رتبة سابقة عليه ، بحيث يكون عدم الآخر متمما لقابلية الموضوع له ومن أجزاء علته ، وإنما يتم ذلك في المانع.
ومحصل الفرق بين المانع والضد : أن المانع ما يستند إليه عدم تأثير المقتضي حين وجوده في المعلول ، إما لخصوصيته التكوينية ، كالرطوبة المانعة من تأثير النار للإحراق ، أو لأخذ عدمه في الموضوع شرعا ، كزوجية البنت من شخص المانعة من زوجية أمها منه. من دون فرق بين ما إذا تعذر ارتفاع المانع ، إما لمانعيته مطلقا بحدوثه فقط ، كزوجية الأم المذكورة ، أو بحدوثه وبقائه مع تعذر ارتفاعه ، كالسور الحصين المانع من اقتحام العدو