ومما ذكرنا يتضح الحال فيما إذا كان التكليفان المتزاحمان متساويي الأهمية ، حيث يتعين البناء على تقييد إطلاق كل منهما بمخالفة الآخر ، لارتفاع التزاحم بينهما بذلك. لكن لا بمعنى تقييده بعصيان الآخر بعنوانه ، ليلزم أخذ كل منهما في موضوع الآخر ، وتقدمه عليه رتبة ـ كما أورد به بعض الأعيان المحققين قدسسره ـ بل يكفي تقييده بما يلازم ذلك ، أو قصوره عن صورة امتثال الراجح بنتيجة التقييد. كما يكفي ذلك في صورة أهمية أحد التكليفين أيضا.
أما من يقول بامتناع الترتب فلا يتضح مبناه في ذلك ، إذ لا يظن منهم البناء على سقوط الأمرين معا ، كما التزموا بسقوط المرجوح رأسا بسبب المزاحمة ، وإذا أمكن عندهم الترتب في صورة التساوي بالنحو الذي ذكرنا فلم لا يمكن في صورة رجحان أحدهما بعينه؟!
بقي في المقام شيء
وهو أنه قد استشكل المحقق الخراساني قدسسره في الترتب بأن لازمه استحقاق عقابين في صورة مخالفة كلا التكليفين ، لفعلية كل منهما حينئذ ، ولا يظن بهم الالتزام به ، لضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليه المكلف. قال : «وكان سيدنا الأستاذ لا يلتزم به على ما هو ببالي ، وكنا نورد به على الترتب ، وكان بصدد تصحيحه».
لكن الالتزام بتعدد العقاب ليس بأصعب من الالتزام بأن عقاب تارك امتثال التكليفين المختلفي الأهمية كعقاب تارك امتثال الأهم فقط ، لأنه لا تكليف سواه ، بناء على عدم الترتب. على أنه قد أصر غير واحد ممن يلتزم بالترتب على تعدد العقاب في المقام تبعا لتعدد التكليف وتعدد العصيان.
هذا وبعد أن كان القائلون بالترتب مختلفين في وحدة العقاب ـ كما حكاه المحقق الخراساني عن السيد الشيرازي قدسسره ـ وتعدده ـ كما ذهب إليه بعض الأعاظم وسيدنا الأعظم قدسسرهما وغيرهما ـ يظهر أنه لا مجال للاستدلال على بطلان