الفصل الخامس
في اجتماع الأمر والنهي
وقع الكلام بينهم في إمكان اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد وامتناعه. والظاهر أن محل الكلام اجتماعهما مع تعدد الجهة والعنوان فيما يكون مجمعا للجهتين والعنوانين ، مع المفروغية عن امتناع اجتماعهما في الواحد من جهة واحدة وعنوان واحد.
ومن ثم يرجع النزاع إلى أن تعدد الجهة والعنوان لكل من الأمر والنهي هل يكفي في تعدد متعلقهما ولو مع اجتماع الجهتين والعنوانين في وجود خارجي واحد ، فيكون الوجود المذكور مجمعا لمتعلقي الأمر والنهي تبعا لتعدد عنوانه ، أو لا بد معه من تعدد الوجود الخارجي ، ولا يكفي مع وحدته تعدد الجهة والعنوان في إمكان اجتماع الأمر والنهي ، بل لا بد من قصور أحدهما أو كليهما عن المجمع؟. كل ذلك بعد الفراغ عن دخل العنوان في الحكم وعدم سوقه لمحض الحكاية عن الأفراد بذواتها.
ومن هنا كانت المسألة عقلية يبحث فيها عن كيفية ورود الحكم على العنوان ، وكيفية دخل العنوان فيه ، وذلك مما يستقل به العقل ، بعد استفادة أصل دخله من دليل الحكم اللفظي أو غيره. وربما يأتي لذلك مزيد توضيح.
كما لا ينبغي التأمل في كون المسألة أصولية ، بعد تحريرها لأجل استنباط الأحكام الفرعية ، ووقوع نتيجتها في طريق استنباط أحكام موارد الاجتماع ، وتعيين ما يترتب على ذلك من إمكان امتثال الأمر بها وعدمه ، على ما يتضح بعد ذلك إن شاء الله تعالى. ولا ينافي ذلك واجديتها لجهات أخر تقتضي عدّها