من مسائل علوم أخر. لأنه لا يعتبر في المسألة الأصولية تمحضها في غرض الاستنباط وعدم ترتب غرض علم آخر عليها ، بل يكفي تحريرها لغرض الاستنباط ووقوعها في طريقه ، كما تقدم في تعريف علم الأصول.
هذا وكلامهم في المسألة في غاية الاضطراب ، لاختلافهم في تحديد موضوع النزاع والمعيار فيه ثبوتا ، وعدم إيضاح جملة منهم لكيفية تشخيصه إثباتا ، كما اختلفوا في مباني المسألة ومقدمات الاستدلال فيها. ولا مجال لاستيعاب كلماتهم والنظر فيها ، بل نقتصر على ما يخص الثمرة المهمة للمسألة ، وهي حكم مورد الاجتماع بلحاظ إمكان الامتثال به وصحته ـ مع الالتفات للحرمة ، أو الغفلة عنها ، أو الجهل بها ـ وعدمهما. وتحديد مباني الكلام في ترتبها يكون بذكر أمور مقدمة للمطلوب.
الأمر الأول : لا إشكال في تضاد الأحكام التكليفية الخمسة ، بمعنى : امتناع اجتماع أكثر من حكم واحد في موضوع واحد. إنما الكلام في وجه التضاد بعد الفراغ عن أن الأحكام المذكورة متقومة بالاعتبار الذي هو خفيف المئونة ، وليست أمورا حقيقية يكون تضادها تابعا لخصائصها التكوينية.
ويظهر من الفصول وغيره أن منشأ تضادها وتنافيها هو تضاد منشأ انتزاعها ، وهو المحبوبية والمبغوضية والإرادة والكراهة. ويظهر ضعفه مما سبق في مقدمة علم الأصول من عدم انتزاعها من ذلك ، بل من الإرادة والكراهة التشريعيتين المباينتين للإرادة والكراهة الحقيقيتين. وتضاد الإرادة والكراهة التشريعيتين يحتاج للدليل.
أما سيدنا الأعظم قدسسره فقد ذكر أن منشأ تضادها هو تضاد ملاكاتها ، فملاك وجوب الشيء كونه ذا مصلحة بلا مزاحم ، وملاك حرمته كونه ذا مفسدة كذلك ، ولو فرض محالا واجدية موضوع واحد لملاكي حكمين منها تعين