الأمر والنهي ، فنقول ـ ومنه سبحانه نستمد العون والتسديد ـ : العبادات المكروهة على قسمين :
القسم الأول :ما يختلف فيه منشأ انتزاع العنوانين المتعلقين للأمر والنهي ، كالوضوء والغسل بالماء المشمس ، حيث يظهر من أدلة الكراهة أن موضوعها استعمال الماء المذكور في الغسل ونحوه بعنوانه الأولي ، مع أن موضوع الأمر بالوضوء والغسل هو الغسل بلحاظ ترتب الطهارة عليه ، فهو عنوان ثانوي تسبيبي. والكلام في هذا القسم هو الكلام المتقدم في مسألة الاجتماع من كون المورد ملحقا بالتزاحم في واجديته لملاك كلا الحكمين.
فإن أمكن امتثال الأمر بفرد آخر غير المجمع أثر كل من الملاكين أثره ، لعدم التضاد بين الحكمين بعد عدم كون الأمر اقتضائيا في المجمع ، فيبقى الأمر على إطلاقه فيه ، مع فعلية الكراهة فيه. وإن انحصر امتثال الأمر بالمجمع لزم التزاحم بين الحكمين ، ويتعين تقديم الأمر إن كان إلزاميا ، وإلا فالترجيح بالأهمية ، ومع سقوط المرجوح بالمزاحمة يبقى ملاكه ، فيصح الامتثال بالمجمع لو كان المرجوح هو الأمر.
والظاهر عدم الإشكال بينهم في عدم مانعية كراهته من التقرب به لو كان عبادة ، كما يظهر بأدنى ملاحظة لكلماتهم في الفقه ، حيث ذكروا في شروط العبادات ـ كالطهارات والصلاة والحج ـ إباحة متعلقاتها في الجملة ، كالماء والإناء والمصب والساتر وغيرها على تفصيل يرجع إلى اعتبار عدم اتحاد فعل العبادة مع الحرام أو إيصاله إليه ، ولم يشيروا لذلك في الكراهة ، وما ذلك إلا لمفروغيتهم عن عدم مانعيتها من التقرب.
وكأنه لأن المانع من التقرب أحد أمرين :
الأول : كون الفعل تمردا على المولى ومعصية له ، إما لكونه بنفسه