المشخصات والمقارنات. أما تشخصها في بعض الأفراد ومع بعض المقارنات .. فتارة : لا يكون له دخل في الأثر المذكور ، وأخرى : يختص بميزة لا تلائمه ، بل تقتضي نقصه ، وثالثة : يختص بميزة تلائمه وتقتضي زيادته. والأول هو الفرد العادي ، والثاني هو الفرد المكروه ، والثالث هو الفرد المستحب. وإن كان الكل مؤديا للمقدار الداعي لتشريع أصل الماهية وجوبا أو استحبابا ، ولذا كان مجزيا ، فيكون راجحا حقيقة ، وليست كراهة المكروه إلا إضافية بلحاظ الماهية بطبعها.
نعم الكراهة المذكورة إنما تصحح النهي الشرعي مع وجود المندوحة وإمكان تحصيل ملاك الأمر بالطبيعة في فرد لا نقص فيه ، أما مع عدمها وانحصار الامتثال بالفرد الناقص فلا يصح النهي عنه لأجلها ، إذ به ينحصر حصول ما يمكن تحصيله من الملاك الراجح.
ومن هنا لا مجال لتنزيل كراهة صوم يوم عاشوراء على هذا الوجه ، لعدم اختصاصها بمثل صوم القضاء مما يمكن امتثاله في غير اليوم المذكور ، بل يعم صوم التطوع الاستغراقي الراجع لاستحباب صوم كل يوم لملاك يخصه لا يفي به غيره. فيتعين تنزيل كراهته على الوجه الأول.
الأمر الثالث : بعد فرض اجتماع ملاكي الأمر والنهي في المجمع فقد تقدم في الأمر الأول لزوم تقديم النهي عملا ، لأن مفروض كلامهم وجود المندوحة في امتثال الأمر ، وأنه مع عدم المندوحة فيه وانحصار امتثاله بمورد الاجتماع يلحق المورد بالتزاحم الذي يتعين فيه تقديم الأهم.
وعلى ذلك لو فرض تقديم النهي في المجمع ـ لوجود المندوحة أو لأهميته مع عدمها ـ إلا أن المكلف اضطر لارتكاب أحد أفراد الماهية المحرمة التي منها المجمع فلا إشكال في سقوط النهي عن الفعلية في تمام أفراد الماهية ـ