الصحيح ـ لو لا النهي ، لتقدم الموضوع على حكمه رتبة ، وحينئذ فهو مقدور وإن صار فاسدا بسبب النهي.
ومنه يظهر اندفاع الثاني ، لأن متعلق الأمر والنهي ليس إلا ما يصدق عليه العنوان في رتبة سابقة على حكمه ومع قطع النظر عنه ، وحينئذ فاختصاص متعلق الأمر والنهي بالصحيح لا ينافي الفساد في رتبة متأخرة عن الحكم.
الثالث : محل الكلام في العبادات والمعاملات هو النهي التكليفي عن العبادة أو المعاملة المستتبع للعقاب ، دون النهي الوارد للإرشاد لبطلان العمل وعدم ترتب الأثر عليه ، كالنهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، وعن بيع ما ليس بملك ، فإنه مسوق لبيان الفساد إثباتا ، مع استناده ثبوتا لعدم تمامية الملاك ، لا لملازمته للنهي. كما إنه لا يقتضي تحريم العمل تكليفا. ومثله النهي عن ترتيب الأثر ، كالنهي عن أكل الثمن ، فإنه وإن أمكن أن يكون تكليفيا بالإضافة إلى ترتيب الأثر إلا أنه لا يكون تكليفيا بالإضافة إلى إيقاع العمل ذي الأثر ، بل يدل على فساده لا غير.
نعم قد يجتمع الأمران في العبادة أو المعاملة فتكون محرمة تكليفا وفاسدة وضعا ، كما هو الظاهر في الصلاة بلا وضوء والمعاملة الربوية. بل قد توجب بعض المعاملات شدة حرمة الثمن بحيث يكون أكله أشد من أكل مال الغير بدون إذنه ، كما قد يظهر في بعض أدلة حرمة الربا. لكنه خارج عن محل الكلام وتابع للدليل الخاص ، ولا ضابط له. فلاحظ.
والله سبحانه وتعالى العالم.
انتهى الكلام في مبحث اقتضاء النهي الفساد
وبه ينتهي الكلام في الملازمات العقلية
كما يختم به الكلام في قسم الأصول النظرية
والحمد لله رب العالمين