والظاهر أن سنته تعالى مع الإنسان على نحو ذلك في جميع أموره وضروراته في معاشه ومعاده ، ولم يكله إلى نفسه ليكون بدائيا في كل شيء.
ومن هذا يتضح بأن ما قد يقع منا من التعبير بالوضع أو بالواضع ليس إلا لمجاراتهم أو لضيق التعبير ، مع أن المقصود نتيجة الوضع ـ وهي العلاقة الخاصة بين اللفظ والمعنى ـ وإن لم تستند لكثرة الاستعمال ، فضلا عن أن تستند لوضع تعييني من واضع خاص.
الأمر الثاني : في أقسام الوضع
ما سبق من تقسيم الوضع إلى التعييني والتعيني إنما هو بلحاظ اختلاف خصوصيته في نفسه واختلاف منشأ العلاقة بين اللفظ والمعنى.
وقد قسموه تقسيمين آخرين بلحاظ متعلقيه وهما الموضوع ـ من لفظ ونحوه ـ والمعنى الموضوع له ، اللذين بهما تقوم إضافة الوضع.
الأول : تقسيمه بلحاظ الموضوع ـ من لفظ ونحوه ـ إلى الوضع الشخصي والنوعي.
وتوضيحه : أن من الظاهر أن الموضوع دائما ليس هو اللفظ الشخصي الملفوظ للواضع في التعييني وللمستعمل في التعيني ، لتصرمه ، بل هو الكلي المنطبق على ما لا نهاية له من الأفراد المتماثلة. وإرادته حين الوضع التعييني تبتني على إطلاق اللفظ وإرادة نوعه. ومن هنا كان التقسيم المذكور محض اصطلاح.
ولعل المعروف بينهم في تحديد الاصطلاح المذكور أن وضع الهيئات الأفرادية ـ كهيئات الجمع والمشتقات ـ والهيئات التركيبية ـ كهيئات الجمل والإعراب والإضافة ـ نوعي بلحاظ عدم أخذ خصوص مادة فيها ، وصلوحها للمواد والمفردات المختلفة. كما أن وضع الجوامد والحروف ومواد