ولا يسع المقام التعرض لها.
ولعل الأولى أن يقال : جزئية المعنى الحرفي إنما تمنع من نحو خاص من التقييد ، وهو الراجع إلى قصر المراد الجدي من الماهية على بعض أفرادها ، كالتقييد بلسان التوصيف ، ويقابله الإطلاق الراجع لعموم المراد الجدي من الماهية بتمام أفرادها ، لوضوح أنه لا موضوع لهما مع جزئية المفهوم وعدم انطباقه على كثير. أما ما لا يرجع من التقييد إلى ذلك ، بل إلى نحو من التضييق الراجع إلى قصور ما في الوجود الواحد المطابق للمعنى ، فالجزئية لا تمنع منه ، كما لا تمنع من الإطلاق الراجع إلى سعة الوجود المذكور ، لأن الوجود الواحد قابل للسعة والضيق معا.
ومن الظاهر أن تقييد الهيئة بالشرط لا يرجع إلى الأول ، فهو لا يقتضي حمل ماهية الطلب المستفاد من الهيئة على خصوص أفرادها الواجدة للشرط ، كما لا يقتضي إطلاقها إرادة ماهيته بتمام أفرادها ، بل ليس مقتضاه إلا إناطة الطلب الخاص المنشأ وتعليقه على الشرط بنحو يقصر عن حال فقده في قبال إطلاقها المقتضي لسعة الطلب الواحد بنحو يثبت في جميع الأحوال. فالفرق بينهما نظير الفرق بين الزوجية الدائمة والمنقطعة راجع إلى سعة الوجود وضيقه ، لا إلى كثرة الأفراد وقلتها. ولعله إلى هذا يرجع ما ذكره بعض المحققين قدسسره من دعوى الفرق بين التقييد بمعنى التعليق والتقييد بمعنى تضييق دائرة المعنى ، وأن الممتنع هو الثاني ، والمدعى في المقام الأول.
ومن الغريب ما سبق من شيخنا الأعظم قدسسره من رجوع الشرط للمادة مع اعترافه بأنه على خلاف القواعد العربية. إذ فيه : أن القواعد العربية ارتكازية ملازمة للظهور النوعي ، فكيف يكون مقتضى الارتكاز والظهور النوعي ممتنعا؟! بل ينبغي أن يكون ذلك كاشفا عن خلل في بعض مقدمات المدعى.