ثانيهما : الحمل الشائع الصناعي. وملاكه الاتحاد بين طرفيه خارجا مع الاختلاف مفهوما ، إما لكون الموضوع من أفراد المحمول ، لأن المحمول عنوان ذاتي له ، كحمل الإنسان على زيد ، أو عنوان عرضي له كحمل الأبيض على زيد ، وإما لتطابقهما في الأفراد ، كحمل النوع على الخاصة أو بالعكس في مثل قولنا : الضاحك إنسان ، أو : الإنسان ضاحك.
ولا يخفى أن الحمل المذكور لا يكشف عن معنى اللفظ الموضوع له وتحديد مفهومه ، بل عن سعة مفهوم اللفظ وانطباقه على ما حمل عليه بنحو يكون استعماله فيه حقيقة ، فهو غير صالح لمعرفة المعنى وتحديده من جميع الجهات. بل من الحيثية المذكورة لا غير. نعم لو كان معلوما من بقية الجهات كان الحمل متمما لمعرفته. أما لو لم يصح الحمل المذكور وصح سلبه عنه فإنه يكشف عن عدم سعة مفهوم اللفظ له وعدم انطباقه عليه ، فلو صح استعماله فيه كان مجازا.
هذا ، ولكن الحمل وعدم صحة السلب بقسميه وإن كان ملازما للحقيقة إلا أنه لا يصح جعله علامة لها ، لتوقفه على العلم بتحقق النسبة المصححة له بين الطرفين ، ومع العلم بها يعلم بالحقيقة فلا يكون علامة لها وسببا للعلم بها ، وإلا لزم الدور أو اجتماع المثلين ولغوية العلامية المذكورة نظير ما سبق في التبادر.
وقد حاول غير واحد توجيه ذلك بالاكتفاء في حصوله بالعلم الارتكازي ، كما سبق في التبادر. لكنه يشكل بالفرق بين الحمل والتبادر بأن التبادر من سنخ الانفعال الذهني ، فتكفي فيه العلاقة الذهنية الارتكازية ، بخلاف الحمل وعدم صحة السلب ، لأنهما نحو من الحكم ، وهو لا يتسنى للحاكم ما لم يتوجه تفصيلا للنسبة التي تضمنها ولطرفيها ، ولا يتسنى له العلم بصحتها ما لم يتوجه تفصيلا لما يصححها ويطابقها في عالمه ، ولا يكفي فيه