السلب ، حيث يظهر بالاطراد عدم دخل كثير من الأمور ـ التي يحتمل قرينيتها ويطرد الاستعمال بدونها ـ في التبادر ، وبعدمه عدم الوضع للمعنى على إطلاقه ، أو عدم استناد التبادر لحاق اللفظ ، بل للقرائن التي يتخلف بتخلفها.
كما يظهر بصحة الحمل وعدم صحة السلب سعة المفهوم ، فلو تبادر خصوص بعض أفراده انكشف كونه من سنخ الانصراف المستند لبعض القرائن ، ويظهر بصحة سلب اللفظ عن بعض أفراد المعنى المتبادر إليه وعدم صحة حمله وجود خلل في تبادر المعنى على إطلاقه .. إلى غير ذلك مما يظهر بمزيد من التأمل في حدود المعنى وخصوصياته.
ومن هنا فالعلامات الثلاث كثيرا ما تشترك بمجموعها في تحديد معنى اللفظ ، ويستعين بها الفاحص المتثبت في الوصول إلى ما خفي من جهاته ، فلا ينبغي الاكتفاء بالتبادر والتسرع في الاستنتاج بسببه.
تنبيه :
لا يخفى أن العلامات المذكورة إنما تشخص المعنى الثابت للفظ حين حصولها ، دون المعنى الثابت له حين صدور الاستعمال الذي يراد تشخيص مفاده ، كالاستعمال الوارد في الكتاب والسنة ، فاللازم الفحص عما إذا كان هناك بعض الاستعمالات أو الأمارات الكاشفة عن تبدل المعنى ، فإن أحرز ذلك لم يعمل على المعنى الحالي ، بل على المعنى الأول لو أمكن تشخيصه بالطرق المعتبرة.
وإن شك في تبدل المعنى فقد صرحوا بأن اللازم العمل على المعنى الحالي لأصالة تشابه الأزمان وعدم النقل ، المعول عليها عند العقلاء وأهل اللسان ، حيث لا إشكال عندهم في حمل الاستعمالات القديمة ـ في الكتاب والسنة وكلام العلماء والمؤرخين والكتاب والشعراء والوصايا والأوراق