من معنى واحد على أقوال.
وظاهر المعالم وصريح الفصول والكفاية أن محل الكلام ما إذا استعمل اللفظ في كل معنى على حياله واستقلاله ، بحيث يلحظ بما به امتيازه عن غيره ، كما لو لم يستعمل اللفظ إلا فيه ، دون ما إذا استعمل في القدر المشترك المبني على إلغاء خصوصية كل معنى منها ، أو في المجموع المركب المبني على ملاحظة كل معنى ضمنا تبعا لفرض وحدة اعتبارية بين الكل ، لأن الاستعمال حينئذ في معنى واحد مجازي مبني على التوسع والعناية ولا إشكال في صحته ، كما صرح به غير واحد.
نعم ، لا بد من كون العناية والتوسع بأحد الوجهين المذكورين بنحو مقبول عند أهل اللسان غير مستبشع ولا مستهجن.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنه قد أصرّ جماعة على امتناع الاستعمال في أكثر من معنى واحد على النحو الذي هو محل الكلام. لوجوه ..
الأول : ما يظهر من المحقق الخراساني قدسسره من أن حقيقة الاستعمال في الكلام ليس مجرد جعل اللفظ علامة على المعنى ـ ليمكن كونه علامة على أكثر من معنى ـ بل جعله وجها وعنوانا له ، بل بوجه نفسه كأنه الملقى ، فيكون فانيا في المعنى فناء الوجه في ذي الوجه ، ويمتنع لحاظ ذلك في استعمال واحد بالإضافة إلى معنيين ، لاستلزامه لحاظه فانيا في كل منهما.
لكن لم يتضح نهوض ذلك بالمنع ، لأنه إن رجع إلى امتناع فناء اللفظ في كل من المعنيين ، بل ليس له إلا فناء واحد.
أشكل بأن فناء الوجه في ذي الوجه ليس حقيقيا ، بل هو راجع إلى طريقية الوجه لذي الوجه ، ولا مانع من كون الشيء الواحد طريقا لشيئين ، وسببا لحضورهما معا في الذهن.