الأمر السابع : في الحقيقة الشرعية
لا ريب في أن الألفاظ التي يطلقها المتشرعة على الوظائف الشرعية ، ـ كالوضوء والغسل والتيمم والصلاة والزكاة والحج وغيرها ـ صارت حقائق فيها منقولة إليها ، فتتبادر منها بلا قرينة دون معانيها القديمة بحسب أصل اللغة.
وإنما وقع الكلام بينهم في أن ذلك حصل في عصر الشارع الأقدس ، وهو النبي صلىاللهعليهوآله ، وفي عرفه وعرف أتباعه المعاصرين له ، مع هجر المعاني اللغوية الأصلية ، أو بقائها في عرف غير الشارع وأتباعه ، فهي فيها حقائق شرعية ، أو لم يحصل في عصره صلىاللهعليهوآله وإنما حصل بعده في عرف المتشرعة المتأخرين عنه ، فهي حقائق متشرعية لا شرعية.
وتظهر ثمرة النزاع المذكور فيما وقع من الألفاظ المذكورة مجردا عن القرينة في الكتاب العزيز ، أو في كلامه صلىاللهعليهوآله أو كلام أتباعه المعاصرين له من من يترتب الأثر على تعيين مرادهم ، لأنه يلزم حمل الاستعمال على ما هو الحقيقة في عرف المتكلم الذي يجري عليه مساق كلامه.
وعن بعض الأعاظم قدسسره المنع من ترتب الثمرة المذكورة ، لأن هذه الألفاظ قد صارت في زمان الصادقين عليهماالسلام حقائق في المعاني المستحدثة ، وما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآله من طريق الأئمة عليهمالسلام بحكم ما يرد منهم ، وما ورد عنه من غير طريقهم خارج عن الابتلاء.
لكنه يشكل بأن ما ينقل عنه صلىاللهعليهوآله من طريقهم عليهمالسلام إنما يكون بحكم ما يرد عنهم إذا نقلوه في مقام بيان التشريع ، لظهوره في إرادة المعنى المعروف في عصرهم عليهمالسلام ، وإلا كان عليهم التنبيه لاختلاف المراد به ، أما إذا كان نقلهم له لمجرد نقل ألفاظه ـ كما في موارد نقل الخطب ـ فلا ظهور له في ذلك. وأما ما ينقل عن طريق غيرهم فهو إنما يخرج عن الابتلاء إذا لم يبلغ مرتبة الحجية ،