الأمر الثامن : في الصحيح والأعم
اختلفوا في أن ألفاظ العبادات مختصة بالصحيح أو تعمه والفاسد.
وينبغي تمهيد الكلام في ذلك بذكر أمور ..
الأول : لما كانت ثمرة البحث تتعلق بالبيانات الشرعية التي يترتب عليها العمل ، فالمهم في المقام تحديد مفاد الألفاظ الواقعة فيها وأنها ظاهرة في أي الأمرين الصحيح أو الأعم.
وحينئذ لا ريب في جريان النزاع بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية. وكذا بناء على عدم ثبوتها لو كان المدعى عدم صحة الاستعمال أو عدم وقوعه إلا في أحد الأمرين ، إما لأن العلاقة بالمعنى اللغوي مختصة به ، أو لوجود الجامع بين أفراده دون الآخر ، حيث يتعين حينئذ الحمل عليه مع القرينة الصارفة عن المعنى اللغوي.
وأما بناء على صحة الاستعمال في كل منهما بنحو يحتمل وقوعه فقد يشكل عموم النزاع بأنه بناء على عدم ثبوت الحقيقة الشرعية يكون الاستعمال في كل منهما مجازيا ومعه لا مرجح لأحدهما.
اللهم إلا أن يقال : حيث لا إشكال في صيرورة الألفاظ المذكورة حقائق في المعاني المذكورة بعد ذلك بسبب الوضع التعيني الناشئ من كثرة الاستعمال فتعيين أحد الأمرين ـ من الصحيح والأعم ـ حينئذ راجع إلى أنه هو المستعمل فيه في الصدر الأول ولو غالبا لكونه مقتضى القرينة النوعية ، وأن الاستعمال في الآخر لو وقع يحتاج إلى قرينة خاصة. وحينئذ لو شك في حال الاستعمالات الواقعة قبل حصول الحقيقة الشرعية مع القرينة الصارفة عن المعنى اللغوي يتعين حملها على ما هو مقتضى القرينة النوعية التي جرى عليها الاستعمال المستتبع للوضع التعيني بعد ذلك.