كقوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)(١) ، وقوله عزّ اسمه : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(٢) ، وقوله سبحانه : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(٣) ، لأن مقام الحث والتأكيد يناسب سبق التشريع ومعرفة المشروع.
ولا يتم فيما يتضمن الأمر بالوظيفة وتشريعها ، كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(٤) ، وقوله سبحانه : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ...)(٥) ، لأن مقام الأمر والتشريع كما يناسب بيانهما يناسب بيان المشروع والمأمور به ، فالاكتفاء في بيانهما بذكر العنوان ظاهر في الاكتفاء به على إطلاقه. وأظهر من ذلك ما تضمن بيان بعض قيود المأمور به كالنصوص المتضمنة للأمر بصلاة ركعتين ، أو بسور معينة ، حيث تظهر الثمرة فيها بالإضافة إلى غير القيد الذي تضمنته.
الرابع : الوضع لكل من الصحيح والأعم يبتني على فرض جامع بين أفراده يكون هو الموضوع له ، وتكون إرادة خصوصيات الأفراد عند إطلاق العنوان من باب تطبيق العام على الخاص. ومن هنا يتعين الكلام في تعيين الجامع على كل من القولين ، بل هو من أهم مباحث المسألة ، وعمدة ما يبتنى عليه الاستدلال فيها.
والكلام فيه في مقامين :
المقام الأول : في الجامع الصحيحي. وقد يشكل تصويره بلحاظ
__________________
(١) سورة العنكبوت الآية : ٤٥. ١
(٢) سورة البقرة الآية : ٢٣٨. ١
(٣) سورة النساء الآية : ١٠٣. ١
(٤) سورة البقرة الآية : ١٨٣. ١
(٥) سورة آل عمران الآية : ٩٧. ١