ولأجل ذلك لا مجال للخروج عما ذكرنا من القاعدة.
هذا وقد يدعى أن العمل بالأصل في تمام الأطراف إنما ينافي العلم الإجمالي بالتكليف إذا كان ارتكابها دفعيا ، للعلم حينئذ بمخالفة التكليف المعلوم بالإجمال عند ارتكابها ، بخلاف ما إذا كان تدريجيا ، حيث لا يعلم بمخالفة المعلوم بالإجمال عند ارتكاب كل منها ، وإنما يعلم بمخالفته بعد ارتكابها بتمامها ، وهو ليس بمحذور ، إذ لا يتنجز المعلوم بالإجمال حينئذ ، لعدم الأثر له.
لكنه يندفع بأن المحذور ليس في الارتكاب نفسه لو تم الترخيص فيه ظاهرا ، بل في نفس الترخيص الظاهري ، ومن الظاهر أن الترخيص في تمام الأطراف ليس تدريجيا ، لدخولها في عموم أدلة الأصول في عرض واحد ، والترخيص فيها ظاهرا مناف لتنجز التكليف المعلوم بالإجمال المقتضي لحرمة مخالفته القطعية.
نعم لو كان الترخيص تدريجيا ، لاختلاف زمان الابتلاء بالأطراف ـ بحيث لا ابتلاء بكل طرف إلا قبل الابتلاء بغيره أو بعد المخالفة فيه ـ لم يمتنع جريان الأصول في الجميع بنحو التدريج ، لعدم منافاة الترخيص المستفاد منها في كل طرف للعلم الإجمالي ، ولا يكون العلم الإجمالي منجزا حينئذ ، كما يأتي في التنبيه الرابع.
وقد تحصل من جميع ما تقدم : أن لزوم المخالفة القطعية للتكليف المنجز مانع من العمل بالأصول الترخيصية في تمام أطراف العلم الإجمالي. وهو المراد بلزوم الترخيص في المعصية في بعض كلماتهم ، إذ لا يراد بالمعصية إلا مخالفة التكليف المنجز.