ولا ريب في دلالتها على الرجوع للاستصحاب في موردها ، وإنما الكلام في دلالتها على عموم الرجوع إليه كما استدل بها عليه غير واحد ، ثم في تحديد ذلك العموم.
وتوضيح ذلك : أن قوله عليهالسلام : «وإلا ...» لما كان راجعا إلى جملة شرطية تقديرها : وإن لم يجئ من ذلك أمر بيّن ... فقد وقع الكلام في جزاء الشرطية المذكورة ، والمذكور في كلماتهم احتمالات ثلاثة.
الأول : أن يكون محذوفا مقدرا ، نظير قوله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(١) وقوله سبحانه : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)(٢) وقوله عزّ اسمه : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)(٣) وغيرها.
والتقدير في المقام : وإلا فلا يجب عليه الوضوء ، لأنه على يقين من وضوئه ....
الثاني : أن يكون هو قوله عليهالسلام : «فإنه على يقين من وضوئه» ، بأن تكون جملة انشائية قصد بها بيان لزوم ترتيب أثر اليقين بالوضوء مع الشك المذكور.
الثالث : أن يكون هو قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين بالشك أبدا» ، ويكون قوله عليهالسلام : «فإنه على يقين من وضوئه» توطئة لذلك.
أما الوجه الثالث فلم أعثر على من التزم به ، وإنما ذكر احتمالا في كلامهم. ولا مجال له ، لأن توطئة الحكم راجعة إلى تعليله وبيان موضوعه ، نظير قولنا : إن جاء زيد فحيث كان عالما بالفقه يجب إكرامه ، وهو لا يناسب عطف الجملة الثانية على الأولى في الصحيحة ، بل يقتضي تصدير الأولى بما
__________________
(١) سورة آل عمران الآية : ٩٧.
(٢) سورة يوسف الآية : ٧٧.
(٣) سورة التحريم الآية : ٤.