وقد تردد في كلماتهم نهوض الأدلة والأمارات بإثبات الأثر العملي مع الواسطة في جميع موارد الملازمة المتقدمة. أما الأصول ـ ومنها الاستصحاب ـ فقد ذكر شيخنا الأعظم قدسسره ومن تأخر عنه عدم نهوضها إلا بإثبات الأثر العملي المترتب مع الملازمة الشرعية في مورد تكون الواسطة مسببة عن مجرى الأصل ، فلا يحرز بالأصل إلا مجراه وما يترتب على مجراه شرعا من أحكام وآثار ، ولو مع تعدد الوسائط ، دون ما يكون سببا لمجراه شرعا ، أو يلازمه بملازمة غير شرعية. وهي المسألة المعبر عنها في كلماتهم بعدم حجية الأصل المثبت.
أما من سبقهم فقد يظهر منهم التوسع في العمل بالأصل ، والتمسك به في بعض موارد الملازمات غير الشرعية. ولعله ناشئ عن الغفلة عن حالها ، لعدم توجههم لذلك ، وعدم اهتمامهم بتحديد كبراه ، وإلا فمن البعيد جدا ذهابهم إلى عموم العمل بالأصل مع الملازمة.
وقد يوجه عدم اعتبار الأصل المثبت بأن المنصرف من أدلة التعبد الشرعية النظر للكبريات الشرعية وتنقيح صغرياتها ، فلا يحرز الأصل إلا صغرى تلك الكبريات. فإذا كان لمجرى الأصل أثر شرعي ترتب ، كما يترتب الأثر الشرعي لذلك الأثر وأثر أثره وهكذا مهما تعددت الوسائط ، لأن ترتب الأثر الشرعي على موضوعه مفاد كبرى شرعية ، فإذا كان مقتضى الأصل التعبد بموضوع الأثر كان الأصل محرزا لصغرى الكبرى المذكورة ، وبضميمة الكبرى المذكورة يترتب الأثر ، فإذا أحرز الأثر بالأصل فقد أحرزت أيضا الصغرى للكبرى المتضمنة لأثره ... وهكذا.
مثلا : إذا وكل المسافر شخصا على ماله ، ليؤدي منه ما عليه من حقوق وواجبات ، ثم طالت غيبته حتى احتمل موته ، فهناك كبريات شرعية ، الأولى : أنه مع حياة الزوج وعدم طلاقه للزوجة تبقى زوجته في حبالته ، الثانية : أنه مع