الثالث : ما إذا وردت أدلة ثلاثة أحدها أخص من الآخر مطلقا. والظاهر تخصيص الخاص منها لما فوقه إذا خالفه في الحكم مطلقا ، لأنه أظهر منه ، والعمل بالعام في الباقي.
وقد يدعى انقلاب النسبة فيما إذا اتفق الأخص والمتوسط في الحكم على خلاف الأعم ، فينحصر الأعم بالأخص ، وحينئذ تنقلب النسبة بينه وبين المتوسط للعموم من وجه ، فإذا ورد : أكرم العلماء ، و : لا تكرم العالم الفاسق ، و :
لا تكرم صاحب السلطان من العلماء ، كان الثالث مخصصا للأول ، وانقلبت النسبة بين الأول والثاني للعموم من وجه ، وكان مورد الاجتماع هو الفاسق الذي ليس بصاحب السلطان ، حيث يكون مقتضى الأول إكرامه ، ومقتضى الثاني عدمه. ولا يكون مخصصا للأول ، المستلزم لعدم إكرام الشخص المذكور.
ويشكل بأن تخصيص الأخص للأعم لا أثر له عرفا في قرينية المتوسط عليه بنحو لا يشمله ملاك التخصيص. مع أنه لا وجه لتخصيص الأعم بالأخص في رتبة سابقة على تخصيصه بالمتوسط ، بل هو مخصص بهما معا في رتبة واحدة ، نظير ما سبق في الفرض الثاني.
هذه بعض الفروض المذكورة في كلماتهم لانقلاب النسبة. وهناك فروض أخرى لا مجال لإطالة الكلام فيها ، بل يوكل ذلك لنظر الفقيه عند ابتلائه بالأدلة المتنافية. ومنه سبحانه نستمد العون والتسديد.