الثالث.
والباقون وإن لم يُعهَد منهم كتاب بعينه إلاّ أنّ اهتمامهم بولاية عليٍّ عليهالسلام وتمسّكهم بها يدلّ على صدقهم وإيمانهم ، وصدق ما نقلوه دون خوف.
وإذا نظرنا إلى الحقائق بطبيعتها التكوينية وسياقها التأريخي لاحظنا أنّ سنّة النبيّ(صلى الله عليه وآله) الصحيحة قد كُتبت وحُفظت عند أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
وقد ورد عن الإمام الحسن عليهالسلام أنّه قال : «إنّ العلمَ فينا ، ونحن أهله ، وهو عندنا مجموعٌ كلّه بحذافيره ، وإنّه لا يحدث شيء إلى يوم القيامة حتّى أرش الخدش إلاّ وهو عندنا مكتوبٌ ، بإملاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وخطِّ عليّ عليهالسلام بيده»(١).
ولم تقتصر الكتابة على سيرة النبيّ(صلى الله عليه وآله) بل تعدّتها إلى سيرة أمير المؤمنين عليهالسلام وشذرات من عبادته عليهالسلام ، وكان ذلك مكتوباً في كتاب عليّ عليهالسلام. فعن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن حفص بن البختري ، عن سلمة بيّاع السابري ، جميعاً ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «كان عليّ بن الحسين إذا أخذ كتابَ عليٍّ عليهالسلام فنظر فيه قال : من يطيق هذا؟»(٢). وإذا كان الإمام السجّاد عليهالسلام وهو المعروف بطول السجود والعبادة والدعاء يتساءل من يطيق تلك العبادة ، فما بالك بمن هو أدنى منهم عليهمالسلام.
والإمام عليّ الهادي عليهالسلام أيضاً يُشير إلى ذلك ، كما في رواية أبي دعامة قال : «أتيت عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى عائداً في علّته التي كانت
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي : ١٥٥. بحار الأنوار ٤٤ / ١٠٠.
(٢) الكافي ، الروضة ٨ / ١٦٣ ، رقم ١٧٢.