الحديث النبويّ ، إلاّ أنّ القوم خالفوا ذلك خلال قرن كامل ، وأصرّوا على عدم كتابة الحديث بدعوى عدم اختلاطه بالقرآن الكريم!
فقد عُطّل تدوين السنّة النبوية الشريفة عند العامّة قرناً كاملا من الزمان ، «فالإجماع قائمٌ على أنّه ليس لعلماء العامّة في العصر الأوّل تأليفٌ ، خاصّةً في علم الحديث»(١).
والظاهر أنّ كتابة الحديث بدأت في القرن الثاني الهجري. قال الخطيب البغدادي : إنّ عمر بن عبد العزيز الأمويّ (ت ١٠١ هـ) أرسل إلى أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حَزْم الأنصاري الخزرجي قاضي المدينة (ت ١٢٠ هـ) قائلاً : انظر ما كان من حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاكتبه ، فإنّي قد خشيتُ دروس العلم وذهاب العلماء(٢). وكتب إلى مرّة بن كثير يأمره بذلك(٣). وأمر ابن شهاب الزهري بتدوين الحديث(٤).
قال ابن حجر : «إنّ أوّل من جمع الحديث ودوّنه بمكّة ابن جريج (ت ١٥٠ هـ) ، وفي المدينة ابن إسحاق (ت ١٥١ هـ) ، وفي البصرة حمّاد بن سلمة (ت ١٥٧ هـ) ، وفي واسط هشيم بن بشير السلمي (ت ١٨٣ هـ) ، وفي اليمن مُعَمَّر (ت١٥٣ هـ) ، وفي الريّ جرير بن عبد الحميد الضبّي (ت ١٨٨ هـ) ، وفي خراسان عبد الله بن المبارك (ت ١٨١ هـ)»(٥).
__________________
(١) المراجعات ، المراجعة رقم ١١٠.
(٢) تقييد العلم : ١٠٦.
(٣) الطبقات الكبرى ٧ / ٤٤٧.
(٤) جامع بيان العلم وفضله ١ / ٧٦.
(٥) مقدّمة فتح الباري.