التبيان ومجمع البيان(١) والتي وقع في سندها أبو جعفر في غير رواية المأكلة ، وهذا الرأي بحدّ ذاته فيه تأمّل ، وعلى أقلّ التقادير فإنّ نظريته هذه لا تنطبق على هذه الرواية ، وذلك لو أنّنا فتّشنا تفسير الطبري بأسره وما جاء في سياق هذه الآية من بحث لم نعثر فيه على ما يتضمّن هذا المفهوم ، كما أنّه لم ترد فيه أيّ عبارة مشابهة للرواية المذكورة.
إنّ المصدر الشيعي الوحيد الذي جاء بهذه الرواية قبل الشيخ الطوسي هو كتاب المصابيح في تفسير القرآن ، وهو من تأليف أبي القاسم الحسين ابن علي المعروف بالوزير المغربي (ت ٤١٨ هـ) ، فإنّ الوزير المغربي في تفسيره هذا ـ والذي لم يطبع للأسف حتّى الآن(٢) ـ يذكر في سياق الآية المشار إليها آنفاً هذه الرواية حيث يقول : «قال أبو جعفر : كان لحُيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وآخرين منهم مأكلةٌ على يهود في كلّ سنة ، فكرهوا إبطالها بأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) فحرّفوا لذلك آيات من التوراة ، منها : صفته وذكره ، فذلك الثمن القليل الذي أريد في الآية».
علماً بأنّ الشيخ الطوسي يدأب على ذكر الوزير المغربي وينقل بعض آرائه وذلك في مواطن عديدة في تفسيره التبيان ، بل ويذكر بعض المطالب
__________________
(١) انظر : حديث هاى خيالي در مجمع البيان ، ص٢١ فما بعد.
(٢) نصبّ جلّ اهتمامنا هذه الأيّام في تصحيح هذا الكتاب المهمّ والذي له الأثر في تاريخ التفسير الشيعي حيث نأمل أن يتوفّر للباحثين والمتخصّصين في علوم القرآن الكريم بأسرع وقت ممكن إن شاء الله.