المبحث الثاني
المقدّمة الاعتقادية
دأب الفقهاء الإماميّون القدامى منهم ـ وليس المتأخرين(١) ـ في مفتتح مدوّناتهم الفقهية على كتابة رسالة عقائدية في إثبات الصانع ، وهم قد سلكوا منهجية الكافي في ذلك ، حيث مباحث التوحيد وأصول الدين في الأصول من الكافي وهي تحمل السمة الكلامية أطلق عليها «الفقه الأكبر» من لدن بعض الفقهاء.
وهي منهجية منطقية إذ أنّ الدين الإسلامي (العقائد ، الفقه ، الأخلاق) منظومة ترابطية وحلقات متكاملة فمهما صحّت المقدّمات صحّت النتائج.
وللكليني مديات أرحب في هذا المجال العقائدي ، فهو يكمّل نظريّات ضخمة وآراء كلامية بحكم البيئة المعاشة ـ إنْ في الريّ أو في بغداد ـ وبحكم العصر وأدواته والتي شهدت ازدهار الحركة العقلية في الفكر الإسلامي حيث تبلورت فيها مناهج كلامية امتدّت تأثيراتها حتّى إلى الصعيد الفقهي والفتاوى الشرعية فأصبح لكلِّ منهج ومدرسة ـ إلى جنب التمذهب الفقهي ـ نموذج كلاميٌّ عقيديٌّ : أشعريٌّ ، معتزليٌّ ، إماميٌّ ، مرجئيٌّ أو خارجيٌّ.
__________________
(١) بحسب فهمي القاصر ، إلاّ الشهيد محمّد باقر الصدر حيث صدّر رسالته العملية (الفتاوى الواضحة) بمقدّمة عقائدية استلّت فيما بعد فأصبحت مبحثاً قائماً بذاته : المرسل ، الرسول ، الرسالة.