تؤيّد بشكل واضح وقطعي نظريّتنا آنفة الذكر ، أحدها ما نقله ابن طاووس في سعد السعود(١) من تفسير الكلبي حيث يقول إنّه اختصره لما فيه من الإطالة ، وإنّ هذا النقل من تفسير آية (قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَن كَثِير) (٢) قد جاء برمّته وبشكل كامل في تفسير المصابيح في سياق الآية (١٥) من سورة المائدة وقد نسبه الوزير المغربي لأبي جعفر.
فإنّ هذا الأمر يبيّن لنا بوضوح أنّ تفسير الكلبي كان في حوزة كلّ من الوزير المغربي وابن طاووس ولكن نسبه أحدهما لأبي جعفر والآخر للكلبي.
خلاصة البحث
هو أنّ رواية المأكلة واحدة من الروايات المرتبطة بالسيرة وأسباب النزول التي نسبت في تفسير التبيان لأبي جعفر ، وقد نسبت هذه الرواية بعد الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) إلى الإمام الباقر في مجمع البيان وقد أخذت طريقها من مجمع البيان إلى أغلب التفاسير الشيعية حتّى عصرنا الحاضر ، حيث إنّها لم ترد قبل الوزير المغربي (ت ٤١٨ هـ) في أيٍّ من المصادر الشيعية لا التفسيرية منها ولا الروائية ، كما أنّ المغربي في تفسيره المصابيح ـ الذي يعدّ من بين المصادر التفسيرية للشيخ الطوسي في التبيان ـ هو الآخر أيضاً أخذ هذه الرواية وروايات كثيرة أخرى من تفسير الكلبي (ت ١٤٦ هـ)
__________________
(١) سعد السعود : ٢١٣.
(٢) المائدة : ١٥.