قال الشيخ محمود أبو ريّة :
«... ونحن لو أخذنا بالأخبار المشهورة التي رواها البخاري ، وهي التي فزع فيها عمر إلى أبي بكر ، لكي يجمع القرآن...
لو نحن أخذنا بهذا النّبأ فإنّه يتبيّن منه أنّ الصحابة وحدهم هم الذين كانوا في هذا العهد يحملون القرآن ، فإذا ماتوا أو قتلوا ضاع القرآن ونُسي ، وأنّه ليس هناك مصدر آخر يحفظ القرآن على مدّ الزّمان ، إذ كانوا مادّته وكانوا كُتّابَهُ !
على أنّهم ذكروا قبل ذلك في أخبار وثيقة يرضى بها العقل ويؤيّدها العلم : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان يكتب كلّ ما ينزل عليه من القرآن وقت نزوله على العُسُب واللِّخاف وقطع الأديم وغيرها ، وأنّه اتّخذ لذلك كُتّاباً أحصى التاريخ أسماءهم ، فأين ذهبت هذه النسخة التي لا يشكّ فيها أحد ، ولا يمتري فيها إنسان ؟ لأنّها هي التي حفظ الله بهاالقرآن الكريم في قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ، وفي قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ).
إنّ هذه النّسخة الفريدة التي تحمل الصورة الصحيحة للقرآن التي ستبقى على وجْهِ الزمن خالدة ، لو كانت موجودة لأغنتهم عمّا وجدوه في سبيل عملهم من عناء ،ولأصبحت هي المرجع الأوّل للقرآن في كلّ عَصْر وَمِصْر ، والتي كان يجب على عثمان أن يراجع عليها مصاحفه التي كتبها قبل