«من أن يذكر فيها اسمه» ولكن حروف الجرّ تحذف مع «أن» كثيرا ويعمل ما قبلها فيها حتى تكون في موضع نصب ، أو تكون (أن يذكر) [الآية ١١٤] بدلا من «المساجد» يريدون : «من أظلم ممّن منع أن يذكر».
وقال (وسعى فى خرابها) [الآية ١١٤] فهذا على «منع» و «سعى» ثم قال (اولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين) [الآية ١١٤] فجعله جميعا لأنّ (من) تكون في معنى الجماعة.
وقال (فأينما تولّوا فثمّ وجه الله) [الآية ١١٥] لأنّ (أين ما) [الآية ١٤٨] من حروف الجزم من المجازاة والجواب في الفاء.
وقال (وإذا قضى أمرا فإنّما يقول له كن فيكون) [الآية ١١٧] فرفعه على العطف كأنه إنما يريد أن يقول : «إنّما يقول كن فيكون» وقد يكون أيضا رفعه على الابتداء. وقال (إذا أردنه أن نّقول له كن فيكون) [النّحل : الآية ٤٠] فإن جعلت (يكون) [الآية ١٥٠] ها هنا معطوفة نصبت لأنّ (أن نّقول) [النّحل : الآية ٤٠] نصب ب «أن» كأنه يريد : (أن نّقول) [النّحل : الآية ٤٠] (فيكون). فإن قال : «كيف والفاء ليست في هذا المعنى»؟ فإن الفاء والواو قد تعطفان على ما قبلهما وما بعدهما ، وإن لم يكن في معناه نحو «ما أنت وزيدا» ، وإنما يريد «لم تضرب زيدا» وترفعه على «ما أنت وما زيد» وليس ذلك معناه. ومثل قولك : «إيّاك والأسد». والرفع في قوله (فيكون) على الابتداء نحو قوله (لّنبيّن لكم ونقرّ فى الأرحام ما نشآء) [الحجّ : الآية ٥] وقال (ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا) [لقمان : ٦]. وقد يكون النصب في قوله (ويتّخذها) [لقمان : الآية ٦] وفي (نقر في الأرحام) أيضا على أوّل الكلام. قال الشاعر فرفع على الابتداء : [الوافر]
١٢٨ ـ يعالج عاقرا أعيت عليه |
|
ليلقحها فينتجها حوارا (١) |
وقال الشاعر أيضا : [الطويل]
١٢٩ ـ وما هو إلّا أن أراها فجاءة |
|
فأبهت حتّى ما أكاد أجيب (٢) |
__________________
(١) البيت لابن أحمر في ديوانه ص ٧٣ ، وشرح المفصل ٧ / ٣٦ ، ٣٨ ، والكتاب ٣ / ٥٤ ، والمعاني الكبير ص ٨٤٦ ، ١١٣٤.
(٢) البيت لكثير عزّة في ديوانه ص ٥٢٢ ، والحماسة الشجرية ١ / ٥٢٨ ، وسمط اللآلي ص ٤٠٠ ، وللمجنون في ديوانه ص ٤٩ ، وللأحوص في ملحق ديوانه ص ٢١٣ ، والأغاني ٤ / ٢٥٠ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٧ ، ولعروة بن حزام في خزانة الأدب ٨ / ٥٦٠ ، ٥٦١ ، وشرح المفصل ٧ / ٣٨ ، والشعر والشعراء ص ٦٢٦ ، وهو لبعض الحجازيين في الكتاب ٣ / ٥٤.