وقال الله تعالى (ربّ هب لى من لّدنك ذرّيّة طيّبة) [الآية ٣٨] لأن النون في «لدن» ساكنة مثل نون «من» وهي تترك على حال جزمها في الإضافة لأنها ليست من الأسماء التي تقع عليها الحركة ، ولذلك قال (مّن لّدنّا) [النّساء : الآية ٦٧] ، وقال تعالى (من لّدن حكيم عليم) [النّمل : الآية ٦] فتركت ساكنة.
وقال تعالى (يرزق من يشآء بغير حساب) [الآية ٣٧] فهذا مثل كلام العرب «يأكل بغير حساب» أي : لا يتعصّب عليه ولا يضيّق عليه. و (سريع الحساب) [البقرة : الآية ٢٠٢] و (أسرع الحسبين) [الأنعام : الآية ٦٢] يقول : «ليس في حسابه فكر ولا روية ولا تذكّر».
وقال تعالى (إنك سميع الدّعاء) [الآية ٣٨] مثل «كثير الدّعاء» لأنه يجوز فيه الألف واللام تقول : «أنت السّميع الدّعاء» ومعناه «إنّك مسموع الدّعاء» أي : «إنّك تسمع ما يدعى به».
وقال تعالى (فنادته الملئكة وهو قائم يصلّى فى المحراب أنّ الله يبشّرك) [الآية ٣٩] لأنّه كأنه قال (نادته الملائكة) فقالت : (إنّ الله يبشّرك) وما بعد القول حكاية. وقال بعضهم (أنّ الله) يقول : «فنادته الملائكة بذلك».
وقال تعالى (بيحيى مصدّقا بكلمة مّن الله وسيّدا وحصورا) [الآية ٣٩] وقوله (وسيّدا وحصورا) [الآية ٣٩] معطوف على (مصدّقا) على الحال.
وقال تعالى (وقد بلغنى الكبر) [الآية ٤٠] كما تقول «وقد بلغني الجهد» أي : أنا في الجهد والكبر.
وقال (ثلاثة أيّام إلّا رمزا) [الآية ٤١] يريد : «أن لا تكلّم الناس إلّا رمزا» وجعله استثناء خارجا من أول الكلام. والرمز : الإيماء.
وقال (واذ قالت الملائكة يا مريم) [الآية ٤٢] ف «إذ» ها هنا ليس له خبر في اللفظ.
وقوله (إذ قالت الملئكة يمريم إنّ الله يبشّرك) [الآية ٤٥] و (يوم تجد كلّ نفس مّا عملت من خير مّحضرا) [آل عمران : الآية ٣٠] وأشباه هذا في «إذ» و «الحين» وفي «يوم» كثير. وإنما حسن ذلك للمعنى ، لأن القرآن إنما أنزل على الأمر والذي كأنه قال لهم : «اذكروا كذا وكذا» وهذا في القرآن في غير موضع و «اتّقوا يوم كذا» أو «حين كذا».