وقال تعالى (فزادهم إيمنا) [الآية ١٧٣] يقول : «فزادهم قولهم إيمانا».
وقال (إنّما ذلكم الشّيطن يخوف أولياءه) [الآية ١٧٥] يقول : «يرهب النّاس أولياءه» أي : بأوليائه.
وقال (لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه) [الآية ١٨٧] يقول : «استحلفهم ليبيّننّه ولا يكتمونه» وقال (لتبيّننّه ولا تكتمونه) أي : قل لهم : «والله لتبيّننّه ولا تكتمونه».
وقال (لآ أضيع عمل عمل مّنكم مّن ذكر أو أنثى) [الآية ١٩٥] أي : فاستجاب : بأنّي لا أضيع عمل عامل منكم. أدخل فيه (مّن) زائدة كما تقول «قد كان من حديث» و (مّن) [البقرة : الآية ٥] ها هنا لغو لأنّ حرف النفي قد دخل في قوله (لا أضيع).
وقال (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بمآءاتهم الله من فضله هو خيرا لّهم بل هو شرّ لّهم) [الآية ١٨٠] فأراد «ولا تحسبنّ البخل هو خيرا لهم» فألقى الاسم الذي أوقع عليه الحسبان وهو «البخل» ، لأنّه قد ذكر الحسبان وذكر ما آتاهم الله من فضله فأضمرهما إذا ذكرهما. وقد جاء من الحذف ما هو أشد من ذا ، قال الله تعالى (لا يستوى منكم مّن أنفق من قبل الفتح وقتل) [الحديد : الآية ١٠] ولم يقل «ومن أنفق من بعد» لأنه لما قال (اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد) كان فيه دليل على أنه قد عناهم.
وقال تعالى (سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقّ) [الآية ١٨١] وقد مضى لذلك دهر ، فإنما يعني : «سنكتب ما قالوا على من رضي به من بعدهم أيام يرضاه».
وأما قوله (لا تحسبنّ الّذين يفرحون بمآ أتوا وّ يحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم) [الآية ١٨٨] فإنّ : الآخرة بدل من الأولى والفاء زائدة. ولا تعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء إذ ليس لذلك مذهب في العربية لأنه إذا قال (لا تحسبنّ الّذين يفرحون بمآ أتوا) فإنّه لم يوقعه على شيء.