وكل هذه الألفات اللواتي في الفعل إذا استأنفتهن مكسورات ، فإذا استأنفت قلت (اهدنا الصراط) و (ابن لى) [غافر : الآية ٣٦] و (اشتروا الضّللة) [البقرة : الآية ١٦] ، إلا ما كان منه ثالث حروفه مضموما فإنك تضم أوله إذا استأنفت ، تقول : (اركض برجلك) [ص : الآية ٤٢] ، وتقول : (اذكروا الله كثيرا) [الأنفال : الآية ٤٥]. وإنما ضمت هذه الألف إذا كان الحرف الثالث مضموما لأنهم لم يروا بين الحرفين إلا حرفا ساكنا ، فثقل عليهم أن يكونوا في كسر ثم يصيروا إلى الضم. فأرادوا أن يكونوا جميعا مضمومين إذا كان ذلك لا يغير المعنى.
وقالوا في بعض الكلام في «المنتن» : «منتن». وإنما هي من «أنتن» فهو «منتن» ، مثل «أكرم» فهو «مكرم». فكسروا الميم لكسرة التاء. وقد ضم بعضهم التاء فقال «منتن» لضمة الميم. وقد قالوا في «النقد» : «النقد» فكسروا النون لكسرة القاف ، وهذا ليس من كلامهم إلا فيما كان ثانيه أحد الحروف الستة نحو «شعير». والحروف الستة : الخاء والحاء والعين والغين والهمزة والهاء.
وما كان على «فعل» مما في أوله هذه الألف الزائدة فاستئنافه أيضا مضموم نحو : (اجتثّت من فوق الأرض) [إبراهيم : الآية ٢٦] لأن أول «فعل» أبدا مضموم ، والثالث من حروفها أيضا مضموم.
وما كان على «أفعل أنا» فهو مقطوع الألف وإن كان من الوصل ، لأن «أفعل» فيها ألف سوى ألف الوصل ، وهي نظيرة الياء في «يفعل». وفي كتاب الله عزوجل (ادعونى أستجب لكم) [غافر : الآية ٦٠] ، و (أناءاتيك به) [النّمل : الآية ٣٩] و (قال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي) [يوسف : الآية ٥٤].
وما كان من نحو الألفات اللواتي ليس معهن اللام في أول اسم ، وكانت لا تسقط في التصغير فهي مقطوعة تكون في الاستئناف على حالها في الاتصال نحو قوله : (هذا أخى له تسع) [ص : الآية ٢٣] ، وقوله : (يأبانا) [يوسف : الآية ١١] ، وقوله : (إنّها لإحدى الكبر) (٣٥) [المدّثّر : الآية ٣٥] ، و (قالت إحداهما) [القصص : الآية ٢٦] و (حتّى إذا جآء أحدهم) [المؤمنون : الآية ٩٩] ، لأنها إذا صغرت ثبتت الألف فيها ، تقول في تصغير «إحدى» : «أحيدى» ، و «أحد» : «أحيد» ، و «أبانا» : «أبيّنا» وكذلك «أبيّان» و «أبيّون». وكذلك الألف في قوله : (من المهجرين والأنصار) [التّوبة : الآية ١٠٠] و (أخرجنا من ديارنا وأبنآئنا) [البقرة : الآية ٢٤٦] ، لأنك تقول في «الأنصار» : «أنيصار» ، وفي «الأبناء» : «أبيناء» و «أبينون».