وفتح ما قبل ياء الاثنين ليفرق ما بين الاثنين والجميع ، وجعل الرفع بالواو ليكون علامة للرفع ، وجعل رفع الاثنين بالألف.
وهذه النون تسقط في الإضافة كما تسقط نون الاثنين ، نحو قولك : «بنوك» و «رأيت مسلميك» فليست هذه النون كنون «الشياطين» و «الدهاقين» و «المساكين». لأن «الشياطين» و «الدهاقين» و «المساكين» نونها من الأصل. ألا ترى أنك تقول : «شيطان» و «شييطين» و «دهقان» و «دهيقين» و «مسكين» و «مسيكين» فلا تسقط النون.
فأما «الذين» فنونها مفتوحة ، لأنك تقول : «الذي» فتسقط النون لأنها زائدة ، ولأنك تقول في رفعها : «اللذون» لأن هذا اسم ليس بمتمكن مثل «الذي». ألا ترى أن «الذي» على حال واحدة؟ إلا أنّ ناسا من العرب يقولون : «هم اللذون يقولون كذا وكذا». جعلوا له في الجمع علامة للرفع ، لأن الجمع لا بد له من علامة ، واو في الرفع ، وياء في النصب والجرّ وهي ساكنة. فأذهبت الياء الساكنة التي كانت في «الذي» لأنه لا يجتمع ساكنان ، كذهاب ياء «الذي» إذا أدخلت الياء التي للنصب ، ولأنهما علامتان للإعراب. والياء في قول من قال : «هم الذين» مثل حرف مفتوح أو مكسور بني عليه الاسم وليس فيه إعراب. ولكن يدلك على أنه المفتوح أو المكسور في الرفع والنصب والجر الياء التي للنصب والجرّ لأنها علامة للإعراب.
وقد قال ناس من العرب : «الشياطون» لأنهم شبّهوا هذه الياء التي كانت في «شياطين» إذا كانت بعدها نون ، وكانت في جميع وقبلها كسرة ، بياء الإعراب التي في الجمع. فلما صاروا إلى الرفع أدخلوا الواو. وهذا يشبه «هذا جحر ضبّ خرب» فافهم.
وأما قوله (إيّاك نعبد) [الآية ٥] ولم يقل «أنت نعبد» لأن هذا موضع نصب. وإذا لم يقدر في موضع النصب على الكاف أو الهاء وما أشبه ذلك من الإضمار الذي يكون للنصب جعل «إيّاك» أو «إيّاه» أو نحو ذلك مما يكون في موضع نصب. قال : (وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى) [سبإ : الآية ٢٤] لأن هذا موضع نصب ، تقول : «إني أو زيدا منطلق». و (ضلّ من تدعون إلّا إيّاه) [الإسراء : الآية ٦٧]. هذا في موضع نصب. كقولك : «ذهب القوم إلّا زيدا». إنما صارت (إيّاك) [الآية ٥] في (إيّاك نعبد) [الآية ٥] في موضع نصب من أجل (نعبد) [الآية ٥] وكذلك :