أنه ذكر وليس مذكرا كما يذكر بعض المؤنث. وقال قوم : إنما قال (طائعين) لأنهما أتتا وما فيهما فتوهم بعضهم «مذكّرا» أو يكون كما قال (واسئل القرية) [يوسف : الآية ٨٢] وهو يريد أهلها. وكما تقول «صلى المسجد» وأنت تريد أهل المسجد إلّا أنّك تحمل الفعل على الآخر ، كما قالوا : «اجتمعت أهل اليمامة» وقال (ومنءايته الّيل والنّهار والشّمس والقمر لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا لله الّذى خلقهنّ) [فصّلت : الآية ٣٧] لأن الجماعة من غير الانس مؤنثة. وقال بعضهم «للّذي خلق الآيات» ولا أراه قال ذلك إلا لجهله بالعربية. قال الشاعر : [البسيط]
٢٣٤ ـ إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته |
|
إلى الصياح وهم قوم معازيل (١) |
فجعل «الدجاج» قوما في جواز اللغة. وقال الآخر وهو يعني الذيب : [الطويل]
وأنت امرؤ تعدو على كلّ غرّة |
|
فتخطىء فيها مرّة وتصيب (٢) |
وقال الآخر : [الرجز]
٢٣٥ ـ فصبّحت والطّير لم تكلّم |
|
جابية طمّت بسيل مفعم (٣) |
وقال (فيكيدوا لك كيدا) [الآية ٥] أي : فيتخذوا لك كيدا. وليست مثل (إن كنتم للرؤيا تعبرون). أراد أن يوصل الفعل إليها باللام كما يوصل ب «إلى» كما تقول : «قدّمت له طعاما» تريد : «قدّمت إليه». وقال (يأكلن ما قدّمتم لهنّ) [يوسف :
الآية ٤٨] ومثله (قل الله يهدى للحقّ) [يونس : الآية ٣٥] وإن شئت كان (فيكيدوا لك كيدا) [الآية ٥] في معنى «فيكيدوك» وتجعل اللام مثل (لربّهم يرهبون) [الأعراف : الآية ١٥٤] وقوله (لربّهم يرهبون) [الأعراف : الآية ١٥٤] إنّما هو : «لمكان ربّهم يرهبون».
وقال (أو اطرحوه أرضا يخل لكم) [الآية ٩] وليس الأرض ها هنا بظرف. ولكن حذف منها «في» ثم أعمل فيها الفعل كما تقول «توجّهت مكّة».
وقال (ونحن عصبة) [الآية ٨] و «العصبة» و «العصابة» جماعة ليس لها واحد ك «القوم» و «الرّهط».
__________________
(١) البيت لعبدة بن الطبيب في ديوانه ص ٧٩ ، ولسان العرب (عزل) ، وتاج العروس (عزل).
(٢) تقدم البيت مع تخريجه برقم ٢٣٢.
(٣) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (طمم) ، (فعم) ، (كلم) ، وتاج العروس (فعم).