سورة الرعد
قال (كلّ يجرى) [الآية ٢] يعني كلّه كما تقول «كلّ منطلق» أي : كلّهم.
وقال (روسى) [الآية ٣] فواحدتها «راسية».
وقال (تسقى بماء واحد) [الآية ٤] فهذا التأنيث على «الجنّات» وإن شئت على «الأعناب ٢» لأنّ «الأعناب» جماعة من غير الإنس فهي مؤنثة إلّا أنّ بعضهم قرأها (يسقى بماء واحد) فجعله على الأعناب كما ذكر «الأنعام» فقال (مّمّا فى بطونه) [النّحل : الآية ٦٦] ثم أنث بعد فقال (وعليها وعلى الفلك تحملون) (٢٢) [المؤمنون : الآية ٢٢] فمن قال (يسقى) بالياء جعل «الأعناب» مما يؤنّث ويذكّر مثل «الأنعام».
وقال (أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد) [الآية ٥] وفي موضع آخر (أءذا كنّا تربا وءاباؤنا أئنّا لمخرجون) [النمل : ٦٧] فالآخر هو الذي وقع عليه الاستفهام والأول حرف ، كما تقول «أيوم الجمعة زيد منطلق». ومن أوقع استفهاما آخر جعل قوله (أإذا متنا وكنا ترابا) ظرفا لشيء مذكور قبله ، ثم جعل هذا الذي استفهم عنه استفهاما آخر وهذا بعيد. وإن شئت لم تجعل في قولك (أإذا) استفهاما وجعلت الاستفهام في اللفظ على «أإنّا» ، كأنك قلت «يوم الجمعة أعبد الله منطلق» وأضمرت فيه. فهذا موضع قد ابتدأت فيه «إذا» وليس بكثير في الكلام ولو قلت «اليوم إنّ عبد الله منطلق» لم يحسن وهو جائز. وقد قالت العرب «ما علمت إنّه لصالح» يريد : إنّه لصالح ما علمت.
وقال (مستخف بالّيل وسارب بالنّهار) [الآية ١٠] فقوله (مستخف) [الآية ١٠] يقول : ظاهر. و «السارب» : المتواري. وقد قرئت (أخفيها) أي : أظهرها لأنّك تقول «خفيت السّرّ» أي : أظهرته وأنشد : [المتقارب]
٢٣٦ ـ إن تكتموا الداء لا نخفه |
|
وإن تبعثوا الحرب لا نقعد (١) |
__________________
(١) البيت لامرىء القيس في ديوانه ص ١٨٦ ، ولسان العرب (خفا) ، وتاج العروس (خفي) ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٧ / ٥٩٥.