(وإيّاك نستعين) [الآية ٥] أيضا. وإذا كان موضع رفع جعلت فيه «أنت» و «أنتما» و «أنتم» و «هو» و «هي» وأشباه ذلك.
وأما قوله (اهدنا الصراط المستقيم) [الآية ٦] فيقول : «عرّفنا». وأهل الحجاز يقولون : «هديته الطريق» أي : عرّفته ، وكذلك «هديته البيت» في لغتهم. وغيرهم يلحق به «إلى». ثم قال :
(صراط الّذين أنعمت عليهم) [الآية ٧] نصب على البدل. و (أنعمت) [الآية ٧] مقطوع الألف لأنك تقول : «ينعم» ، فالياء مضمومة فافهم. وقوله :
(غير المغضوب عليهم) [الآية ٧] هؤلاء صفة (الّذين أنعمت عليهم) [الآية ٧] لأن «الصراط» مضاف إليهم ، فهم جرّ للإضافة. وأجريت عليهم «غير» صفة أو بدلا. و «غير» و «مثل» قد تكونان من صفة المعرفة التي بالألف واللام ، نحو قولك : «إني لأمرّ بالرجل غيرك وبالرجل مثلك فما يشتمني» ، و «غير» و «مثل» إنما تكونان صفة للنكرة ، ولكنهما قد احتيج إليهما في هذا الموضع فأجريتا صفة لما فيه الألف واللام ، والبدل في «غير» أجود من الصفة ، لأن «الذي» و «الذين» لا تفارقهما الألف واللام ، وهما أشبه بالاسم المخصوص من «الرجل» وما أشبهه.
و «الصراط» فيه لغتان ، السين والصاد ، إلّا أنا نختار الصاد لأن كتابها على ذلك في جميع القرآن.
وقد قال العرب : «هم فيها الجمّاء الغفير» فنصبوا ، كأنهم لم يدخلوا الألف واللام ، وإن كانوا قد أظهروهما كما أجروا «مثلك» و «غيرك» كمجرى ما فيه الألف واللام وإن لم يكونا في اللفظ. وإنما يكون هذا وصفا للمعرفة التي تجيء في معنى النكرة. ألا ترى أنك إذا قلت : «إنّي لأمرّ بالرجل مثلك» إنما تريد «برجل مثلك». لأنك لا تحدّ له رجلا بعينه ولا يجوز إذا حددت له ذلك ، إلا أن تجعله بدلا ولا يكون على الصفة. ألا ترى أنه لا يجوز «مررت بزيد مثلك» إلّا على البدل؟ ومثل ذلك : «إنّي لأمرّ بالرجل من أهل البصرة». ولو قلت : «إنّي لأمرّ بزيد من أهل البصرة» لم يجز إلّا أن تجعله في موضع حال. فكذلك (غير المغضوب عليهم) [الآية ٧].
وقد قرأ قوم «غير المغضوب عليهم» جعلوه على الاستثناء الخارج من أول الكلام. ولذلك تفسير سنذكره إن شاء الله ، وذلك أنه إذا استثنى شيئا ليس من