ومن سورة إبراهيم
قال (يستحبّون الحيوة الدّنيا على الأخرة) [الآية ٣] فأوصل الفعل ب «على» كما قالوا «ضربوه في السيف» يريدون «بالسيف». وذلك أن هذه الحروف يوصل بها كلها وتحذف نحو قول العرب : «نزلت زيدا» تريد «نزلت عليه».
وقال (ومن ورائه) [الآية ١٧] أي : من أمامه. وإنما قال (وراء) أي : إنه وراء ما هو فيه كما تقول للرجل : «هذا من ورائك» أي : «سيأتي عليك» و «هو من وراء ما أنت فيه» لأنّ ما أنت فيه قد كان مثل ذلك فهو وراؤه. وقال (وكان وراءهم مّلك) [الكهف : الآية ٧٩] في هذا المعنى. أي : كان وراء ما هم فيه.
وقال (مّثل الّذين كفروا) [الآية ١٨] كأنه قال : «وممّا نقصّ عليكم مثل الذين كفروا» ثم أقبل يفسر كما قال (مّثل الجنّة الّتى وعد المتّقون) [الرّعد : الآية ٣٥] وهذا كثير.
وقال (إلّا أن دعوتكم) [الآية ٢٢] وهذا استثناء خارج كما تقول : «ما ضربته إلّا أنّه أحمق» وهو الذي في معنى «لكنّ».
وقال (ومآ أنتم بمصرخىّ) [الآية ٢٢] فتحت ياء الإضافة لأن قبلها ياء الجميع الساكنة التي كانت في «مصرخيّ» فلم يكن من حركتها بدّ لأن الكسر من الياء.
وبلغنا أن الأعمش (١) قال (بمصرخيّ) فكسر وهذه لحن لم نسمع بها من أحد من العرب ولا أهل النحو.
وقال (ضرب الله مثلا كلمة طيّبة) [الآية ٢٤] منصوبة على (ضرب) كأنه قال «وضرب الله كلمة طيّبة مثلا».
وقال (لّا بيع فيه ولا خلل) [الآية ٣١] وفي موضع آخر (ولا خلّة) [البقرة : الآية ٢٥٤] وإنّما «الخلال» لجماعة «الخلّة» كما تقول : «جلّة» و «جلال» ، و «قلّة» و «قلال». وقال الشاعر : [المتقارب]
__________________
(١) الأعمش : هو سليمان بن مهران ، تقدمت ترجمته.