ومن سورة مريم
قال (ذكر رحمت ربّك عبده زكريّا) (٢) [الآية ٢] قال : «ممّا نقصّ عليك ذكر رحمة ربّك» فانتصب العبد بالرحمة. وقد يقول الرجل «هذا ذكر ضرب زيد عمرا».
وقال (ندآء خفيّا) [الآية ٣] وجعله من الإخفاء.
وقال (شيبا) [الآية ٤] لأنه مصدر في المعنى كأنه حين قال (اشتعل) [الآية ٤] قال : «شاب» فقال «شيبا» على المصدر وليس هو مثل «تفتأت شحما» و «امتلأت ماء» لأن ذلك ليس بمصدر.
وقال (سويّا) [الآية ١٠] على الحال كأنه أمره أن يكف عن الكلام سويّا.
وقال (يا أبت لا تعبد الشّيطن) [الآية ٤٤] فإذا وقفت قلت «يا آبه» وهي هاء زيدت كنحو قولك «يا أمّه» ثم قال «يا أمّ» إذا وصل ولكنه لما كان «الأب» على حرفين كان كأنه قد أخلّ به فصارت الهاء لازمة وصارت الياء كأنها بعدها ، فلذلك قال «يا أبت أقبل» وجعل التاء للتأنيث. ويجوز الترخيم لأنه يجوز أن تدعو ما تضيف إلى نفسك في المعنى مضموما نحو قول العرب «يا ربّ اغفر لي» وثقف في القرآن (يا أبت) للكتاب. وقد يقف بعض العرب على هاء التأنيث.
وقال (وما كانت أمّك بغيّا) [الآية ٢٨] مثل قولك «ملحفة جديد».
وقال (لسان صدق) [الآية ٥٠] كما تقول : «لساننا غير لسانكم» أي : لغتنا غير لغتكم. وإن شئت جعلت اللسان مقالهم كما تقول «فلان لساننا».
وقال (إلّا سلما) [الآية ٦٢] فهذا كالاستثناء الذي ليس من أول الكلام.
وهذا على البدل إن شئت كأنه «لا يسمعون فيها إلّا سلاما» وفي قراءة عبد الله (١) (فشربوا منه إلا قليل) [البقرة : ٢٤٩] و (إلا قليل ممن أنجينا منهم) [هود : ١١٦]
__________________
(١) عبد الله : هو عبد الله بن مسعود ، تقدمت ترجمته.